تتفاوت تقاييم الألعاب وتتفاوت مستوياتها، ولكي تحصل اللعبة على التقييم الكامل لابد أن تتعدى مرحلة كونها لعبة خالية من العيوب. الناقد في هذه الحالة يبحث عن اللعبة التي تركت بصمتها وتأثيرها الملحوظ في الصناعة وعن اللعبة التي أصبحت مثالاً يقتدى به في ذلك المجال. كما فعلت Mario مع ألعاب البلاتفورم، أو كما فعلت Halo مع ألعاب التصويب، أو Devil May Cry مع ألعاب الـHack&Slash. الأمثلة تتعدد وتكثر وليست هي ما أود الحديث عنه اليوم. ما أود أن أتحدث عنه اليوم هو سلسلة Uncharted، أو الجزء الثاني بالتحديد. هذه اللعبة حصلت على تقاييم كاملة من العديد من المواقع الكبيرة وأيضاً من شبكة TrueGaming. اللعبة تركت أثراً قوياً على عالم الألعاب سواءاً بشكل مباشر أو غير مباشر، وأحدثت ظاهرة سمّاها البعض بتأثير أنتشارتد أو (The Uncharted Effect). هذا التأثير أصبح معياراً ثابتاً اتخذته بعض الألعاب من تلك الفترة ولكن قبل أن نتحدث أكثر عن ذلك، دعوني أشرح ماذا أقصد بـ”تأثير أنتشارتد”.

لم تكن الجرافيكس أبداً ما جعل Uncharted 2: Among Thieves تحدث الضجة التي أحدثتها، وإنما كانت مجموعة من العناصر الجديدة والتي نستطيع تصنيفها تحت كلمة “السينمائية”. اللعبة كانت مختلفة كثيراً عن الجزء الأول، والذي كان رائعاً بدوره. أصبحت اللعبة مليئة بالمقاطع السينمائية التفاعلية والتي تجعل اللاعب مندمجاً جداً مع ما يحدث أمامه. يشمل ذلك الانفجارات المفاجئة ومشاهد الهروب التفاعلية والمنصات المتحركة كالطوابق المتكسرة على سبيل المثال. اللعبة كانت مخططة بسيناريوات خاصة نوى المصمم أن تحدث أمام اللاعب بهيئة واحدة من المستحيل أن يحصل غيرها. هذا ما يسميه البعض بكون المشاهد “Scripted” أو “مكتوبة”. هذه المشاهد تظهر لأول مرة كأنها كانت عشوائية ومحظوظة مثل القفز من مبنى والوصول إلى الأرض في اللحظة الأخيرة، أو أن يكون أمامك عدو يهددك وينفجر الجدار بجانبه لينقذ حياتك. هذه السيناريوات التي أقصدها بأنها من المستحيل أن تحدث بشكل لم ينوه المصمم لأنها “Scripted”. نتج عن ذلك أن اللاعب سيعاني أحياناً أن اللعبة تحدّ من خطاه وتوجّهه إلى الناتج الوحيد المرغوب. جميع ما ذكر بالأعلى، وغيره مما امتازت بـUncharted هو ما أقصده بـ”تأثير أنتشارتد”.

أتمنى ألا يفهم البعض أنني لم يعجبني ذلك، حيث أن اللعبة أعتبرها من أفضل الألعاب التي لعبتها على الإطلاق، ولكن لا مانع من تحليلها والتمعن في التوجه التصميمي فيها، أليس كذلك؟

التوجه التصميمي الذي تحدثنا عنه أتخذ كمعيار ومقياس اتبعه الكثير من المطورين الآخرين. مثال يخطر على بالي هو Enslaved: Odyssey to the West. بداية اللعبة ذكّرتني كثيراً بسينمائية أنتشارتد والتسلق فيها. ستجدون بالأسفل فيديو يستعرض ديمو اللعبة الذي أعطاني الانطباع الذي ذكرته.

مثال ضخم آخر لا يزال على ألسنة الناس هي Tomb Raider الجديدة. لن أظلم المطور بالقول أنها كانت مجرد تقليد لـUncharted لأنها تهمة كبيرة وبالطبع خاطئة لأن اللعبتين بينهما اختلافات كبيرة، ولكن لا نستطيع أن ننكر وجود أوجه تشابه بينهما. Tomb Raider تغيرت كثيراً عما قبل، وأصبحت السينمائية جزءاً ملحوظاً فيها. جميعنا يتذكر ديمو مرحلة الكهف وأنا كنت ممن تفاجأ بالتشابه الكبير بين التوجه الجديد وبين سلسلة Uncharted. كانت هذه لمحة أولى على أية حال، حيث كشف لاحقاً عن أن اللعبة ستحتوي عالماً مفتوحاً ونظام Levels ونقاط وغيرها مما يجعلها لعبة فريدة حقاً.

Assassin’s Creed: Brotherhood كانت فيها لحظات سينمائية ربما تأثرت بهذه الظاهرة كذلك. بداية اللعبة كانت مختلفة كثيراً عن بقيتها وأعني بذلك منطقة معركة Monteriggioni (شاهدوا الفيديو بالأسفل). مثال آخر ربما يفاجئ بعضكم هو Resident Evil 6. السينمائية وجدت لها مكاناً في اللعبة كما توضح من الديمو المرفق مع Dragon’s Dogma وبالذات سيناريو شخصية Jake عندما يهرب من العدو العملاق.

الأمثلة تكثر في الحقيقة وذلك يجعلنا في حيرة. هذا هذا أمر مرغوب فعلاً في الألعاب التي نريد لعبها؟ أن تصبح كلها سينمائية ومليئة بالانفجارات ولحظات الهروب وغيرها؟ يندر أن نرى مطوراً يبدع في هذا المجال مثلما فعلت Naughty Dog. لكن حتى مع ذلك فإن التنوع مرغوب وكون اللعبة فريدة بذاتها أمر ضروري. من المعيب أن يغيّر المطور عناصر جذرية في سلسلته ليواكب سلسلة أخرى نجحت تجارياً. يجب على المصمم أن يفخر بما صنعه وأن يلتزم بتوجهه ويبني عليه من جعبته الفريدة لتصبح أفضل وأقوى. الألعاب في الجيل الحالي أصبحت متشابهة جداً حتى لو كانت من أنواع مختلفة، وهذا يحزنني في الحقيقة. التفرّد والاصالة في الوسط الفني يمثّلان إخلاص المطور لمعجبيه الذين أحبوا منتجه الأصلي. إن قمت بتغيير أساساتك من أجل إرضاء الذوق العام، فهذه خيانة لمن تابعك من البداية ودعمك.

شاركونا آراءكم. ما رأيكم بهذه الظاهرة؟

شارك هذا المقال