سلاسل الألعاب اللتي تختفي لفترة ثم تعود هي كثيرة، و لاختلاف الأشخاص المسؤولين و الحقب الزمنية فإن العودة تكون غالبا بصورة مختلفة قليلا. “فولآوت” كانت أحد أشهر ألعاب الأر بي جي الغربية في فترة التسعينات، و قد بدأ المطور الأصلي “بلاك آيلند” في العمل على الجزء الثالث فعليا، لكن إفلاس الناشر ” إنتربلاي” حال دون تكملة المشروع و نتج عنه بيع حقوق اللعبة إلى “بيثيسدا” المطور المعروف بسلسلة الأر بي جي “ذا إلدر سكرولز”. عاودت بيثيسدا عملية التطوير من الصفر، و النتيجة هي اختلاف كلي في ميكانيكية اللعب عن الأجزاء القديمة، و لعبة مليئة بلمسات بيثيسدا المعروفة، بل و لشدة إتقان عملية التبني فإن فولآوت 3 جعلت بيثيسدا تبدو و كأنها المطور الأصلي الطبيعي لفولآوت.

رغم التغيير الذي تم على أسلوب اللعب فإن بيثيسدا حافظت على نفس الأجواء العامة الخاصة بما بعد دمار الولايات المتحدة نتيجة حرب نووية. القصة هي تكملة 30 عاما بعد أحداث فولآوت 2، لكنك لا تحتاج إلى خبرة مسبقة في السلسلة للعب فولآوت 3، رغم أنها تكافئ اللاعبين القدامى بمواد كثيرة. على عكس ألعاب بيثيسدا السابقة من سلسلة ذا إلدر سكرولز، فإن قصة فولآوت 3 مركزة و أفضل بشكل عام للاعب العادي، و يساعد في إبراز القصة تقديم اللعبة الجذاب من البداية مما يساعد في دمج اللاعب مع التجربة سريعا. عملية الخروج من “فولت 101” إلى العالم الخارجي تم تنفيذها بشكل متقن يعطيك الاحساس منذ أول نظرة (بمساعدة مسافة الرسم المذهلة) بأنك على موعد مع لعبة ضخمة و عميقة.

فولآوت 3 لعبة كبيرة جدا، قد توازي أو تكون أصغر قليلا في المساحة من لعبة بيثيسدا الأخيرة أوبليفيون، لكنها متصلة بشكل أفضل منها. بيثيسدا تخلق أجواء قابلة للتصديق مع أسلوب فني جيد في فولآوت 3، مع أن عيوب تصميم أوبليفيون نقلت هي الأخرى إلى هنا؛ حيث لديك كمية كبيرة من المساحات المكررة، فسرعان ما تكتشف التشابه المفجع لمناطق اللعبة في الأنفاق و محطات القطارات تحت الأرض، أو حتى على السطح. كما أن الأماكن المميزة فعلا كالمدن قليلة.

عملية المحادثات مع الشخصيات الغير القابلة للعب هي روح اللعبة و متنها الحقيقي. رغم ضعف التقنية الخاصة بحركة الشخصيات و المنقولة مباشرة من أوبليفيون؛ فإن النص عالي الجودة و التمثيل الصوتي الممتاز و المتنوع يبث الحياة في شخصيات اللعبة و يجعل العدد الأكبر من المحادثات مثيرة للاهتمام. من هذه الشخصيات ستحصل على مهمات اللعبة. عدد المهام كبير جدا و يصعب إن لم يستحل حصرها جميعا في إنهاءة واحدة، و أغلبها ممتع و يقدم مكافآت مرضية.

الجهاز اليدوي “بب-بوي” هو دليلك في عالم فولآوت 3، تقسميه جيد و بإمكانك تغيير اللون الطاغي فيه، و هو مرجعك لمتابعة المهمات اللتي عليك إنجازها و مراقبة خصائص شخصيتك. قد تجد الجهاز معقدا في البداية، لكن ساعات قليلة تكفي ليصبح صديقك الذي لا غنى عنه. نظام الاستكشاف مطابق للذي في أوبليفيون، في البداية لا يوجد شيء على خريطتك الخاصة، لكن مع لتجوال ستجد أماكن يمكنك إعادة زيارتها في أي وقت بعد استكشافها بنظام السفر السريع. بب-بوي هو أيضا الجهاز الذي يطور شخصيتك، فكل ما صعدت مرحلة بإمكانك توزيع نقاط الخبرة على جزئيات محددة من قدرات شخصيتك، مما سيجعلها مميزة عن غيرها و ذات إيجابيات و سلبيات معينة ستفتح لك الطريق في لحظات معينة من اللعبة و ستغلقه في أوقات أخرى، و هو ما يعطي فولآوت 3 قابلية كبيرة لإعادة اللعب.

الجري و إطلاق النار كما تفعل في ألعاب التصويب كإمكانية فإنها موجودة، لكن كفعالية فلن تنفعك كثير؛ لأن التصويب يعتمد على قدرات شخصيتك حسب تطويرك لها، و غالب الطلقات سيطيش بعيدا حتى لو صوبت على الرأس و كنت في نقطة استحالة خطأ الرمية. بديل التصويب التلقائي هو نظام VATS الذي يوقف الزمن و يعطي اللاعب حرية التصويب على أي جزء من جسد العدو مع عداد يعيد تعبئة نفسه تدريجيا مع الوقت. VATS هو النظام الأساسي للقتال في اللعبة. بداية الأمر يكون النظام ممتعا و مثيرا للاهتمام، لكن بعد ساعات من الزمن قد لا تطيق كمية التوقف الهائلة اللتي ستقوم بها لاستخدام VATS. كما أن المنطق سيجعلك تختار الرأس من كل عدو لأنه أسرع في القتل. مما يفوت عليك اختبار ميكانيكية النظام بتشليل قدم أو يد العدو و رؤية استجابته لهذه الحالة.

عند قياس مستوى اللعبة التقني فيجب الأخذ بالمعيار الصحيح، أهم معيار في حالة فولآوت 3 هو ضخامة اللعبة و اتساع قدر الحرية اللتي تمنحها للاعب. باستثناء الأخطاء التقنية المتوقعة و ضعف ميكانيكية حركة الشخصيات الغير قابلة للعب؛ فولآوت 3 لعبة رائعة المظهر تقنيا و فنيا، و لها لحظاتها المبهرة في تصوير أن التدمير و الخراب ليس دائما بشع. للأسف لا تأتي فولآوت 3 بكمية أو نوعية مقبولة من الألحان الأصلية، فأفضل ما ستسمعه في اللعبة هو الحوارات المتقنة و الأغاني المرخصة اللتي تسمعها عبر راديو اللعبة.

هناك فئتان ستسقبلان فولآوت 3 بشكل مختلف. فئة لم تلعب بأوبليفيون أو ألعاب بيثيسدا السابقة، و سترى في اللعبة إبهارا على جميع المستويات، و تجربة مذهلة و عميقة. و هناك الفئة الثانية اللتي ستراقب كثيرا العيوب المنقولة من أوبليفيون اللتي لا تصمد بنفس درجة صمودها في 2006، و ربما تعتبرها مجرد أوبليفيون بمسدسات! لكن لا يمكن الاختلاف على أن فولآوت 3 إنجاز رائع من بيثيسدا و تجربة تستحق خوضها من قبل جميع فئات اللاعبين المهتمة.

شارك هذا المقال
Fallout 3
20-80 ساعة لعب كيفما أردتها. قصة مثيرة و طاقم شخصيات رائع.
تنقل الكثير من عيوب أوبليفيون، و الميزات المنقولة ليست بنفس الإبهار الذي كانت عليه منذ عامين. لا تحافظ على اتزانها من البداية للنهاية، و يمكن العبث فيها بسهولة. نظام القتال مقيد. النهايات الثلاثمائة المزعومة أضحوكة.
فولآوت 3 لعبة ضخمة و تعطيك الكثير مقابل ما ستدفعه، و تستلزم منك وقتا كبيرا للاستمتاع الكامل بها، لكن أيضا يمكنك اتباع سياسة الانتقاء من ما يعجبك من فولآوت 3 و بالقدر الذي يناسبك. أما إذا كان مبدأ "المزيد من أوبليفيون بشكل أفضل" يروق لك، فعندها تنتقل اللعبة إلى مرحلة ضرورة الشراء.
تاريخ النشر: 2008-11-01
طورت بواسطة: Bethesda
الناشر: Bethesda