ضيفنا اليوم بحلقة “سيرة مصمم” هو الأب الروحي لسلسلة ميتل جير وواحد من عمالقة تطوير وإخراج الألعاب بعصرنا الحديث “Hideo Kojima”، الرجل الذي قدم الكثير لصناعة الألعاب وكان من اوائل الأشخاص الذين تبنوا دمج الأفلام السينمائية والألعاب من حيث التقديم بمجموعة فاخرة من أجزاء سلسلة ميتل جير عبر أكثر من 25 عاما من بداية السلسلة حتى يومنا الحاضر، لنتعرف إذا على هيدو كوجيما.

وُلد كوجيما بالعاصمة اليابانية طوكيو بالعام 1963 وانتقل بسن الثالثة لغرب اليابان وتحديدا المدينة الصغيرة Shirasaki وبعدها إنتقل مجددا مع عائلته إلى Kawanishi، ويذكر كوجيما بأيام الصبى أنه عانى كثيرا من الوحدة وظل لساعات طويلة امام التلفاز ويقول كوجميا أن ذلك آثر عليه حتى يومنا الحاضر فبمجرد إنتقاله لمكان جديد أو فندق أول مايقوم به هو الجلوس امام التلفاز أو حتى تشغيله كي لايحس بالوحدة، كوجيما منذ صغره كان يعشق التصميم ولكن الأوضاع في اليابان بتلك الفترة لم تشجع كثيرا على تنمية هذه المواهب حيث كان الجميع يبحثون عن وظائف توفر لهم الحياة الجيدة ومشاهدة عمه الذي كان رساما يعاني من الناحية المالية جعله يفكر كثيرا بالأمر.

كوجيما قرر خوض التجربة فقام بتأليف قصص مصوره مكونه من 400 صفحة من الأحداث وكان يرسلها للمجلات اليابانية ولكن لم يلقى أي إهتمام ولم يتم نشر أي شئ له حيث كانت المجلات تبحث عن القصص القصيره ذات الـ100 صفحة فقط، عندها قرر كوجيما أن يغير من توجهه برفقة احد أصدقائه بإخراج الأفلام.

يقول كوجيما بأن إختياره لدخول تطوير الألعاب كان بناء على تأثره ببعض الأشخاص بهذا المجال، فبمرحلة الدراسة الجامعية تخصص كوجيما بالإقتصاد وكان يلعب كثيرة بفترة الفراغ بجهاز الفاميكوم (العائلة) وبدأ يعشق هذا المجال وبسنته الرابعة بالجامعة فاجئ كوجيما أصدقائه بالإعلان عن رغبته بالإنضمام لشركات تطوير الألعاب رغم أن الخطة الرئيسية كانت برغبته أن يصبح مخرج أفلام، كوجميا وجد بسوق الألعاب الشئ الذي سيشبع رغباته والسبب الرئيسي خلف هذا التوجه هو عبقري شركة ننتندو “شيجارو مياموتو” و الاسم الأسطوري الآخر من شركة اينكس (قبل أن تصبح سكوير اينكس) يوجي هوري.

بدأ كوجيما رحلته للبحث عن شركة ألعاب تتبنى أفكاره، قد تكون أفكاره الجامحة هي السبب لرفض معظم الشركات بضمه لها حتى وافقت شركة كونامي ليصبح كوجميا أجدد موظف بالشركة اليابانية التي تريد بناء أسمها على جهاز MSX (صخر بالعربية) كمصمم ومخطط وكوجيما لم يكن سعيدا بذلك لأنه آراد العمل على جهاز الفاميكوم و قدرات الـMSX المحدودة جدا و عدم مقدرته على البرمجه جعلته يفكر ملياً بترك كونامي ولكنه قرر بالنهاية الإستمرار.

المشروع الأول هو لعبة Penguin Adventure كمخرج مساعد، وبعد ذلك بدأ كوجيما بالعمل على مشروعه الأول كمخرج بعنوان Lost Warld وهي لعبة بلاتفورم من بطولة فتاة مصارعة تلبس قناع بالعام 1986 وتم رفض المشروع من شركة كونامي، يبدو ان كونامي كانت تدرك بأن كوجيما يملك الفكر ويحتاج فقط للتوجيه فتم تسليمه مشروع جديد لدى الشركة بعنوان Metal Gear، قدرات الجهاز التقنية المحدودة جعلت كوجيما يغير من أسلوب اللعبة فبدلا من القتال المباشر وضع كوجيما التخفي و التسلل كعنوان رئيسي للعبة، لعبة Metal Gear صدرت بالعام 1987 من بطولة شخصية جديد بعالم الألعاب اسمها Solid Snake وتم نقل اللعبة لجهاز الفاميكوم بقسم آخر من كونامي وتلقى الكثير من الإنتقادات بسبب تغيير أساسيات اللعبة.

(بداية كوجيما بعالم الألعاب وبداية أسطورة ميتل جير)

أنتقل كوجيما بعد ذلك لتطوير لعبة جديدة بعنوان Snatcher وهي لعبة ادفنشر مصورة لأجهزة MSX2  و NEC PC-8801 بالعام 1988، قصة اللعبة تم كتابتها من قبل كوجيما وفريق العمل الخاص به و لكن لم يكمل فريق العمل النص للنهاية بسبب موعد إصدار اللعبة وكانت اللعبة تقدم ثورة بصرية بعالم الألعاب آنذاك من حيث طريقة سرد القصة والسينمائية فيها بمقاطع العروض، اللعبة صدرت لاحقا لجهاز السيجا CD ولكن التقييم العمري للعبة لم يساعدها على الإنتشار كثيرا ولم تبع اللعبة سوى بضع ألاف من النسخ.

ببداية التسعينيات الميلادية قام كوجيما بالعمل على مشروعين، الأول كان لعبة فرعية من لعبة Snatcher لجهاز الـMSX2 بعنوان SD Snatcher، واللعبة الثانية هي Metal Gear 2: Solid Snake لنفس الجهاز، هنا توجد نقطة مهمة يختلف حولها محبوا سلسلة ميتل جير، فبينما كان كوجيما يعمل على لعبة Metal Gear 2: Solid Snake لجهاز الـMSX2 كانت نسخة الجزء الأول المنقولة لجهاز الفاميكوم من كونامي تحقق نجاحا كبيرا فقررت الشركة إصدار جزء ثاني لها دون تدخل كوجيما بعنوان Snake’s Revenge، ولم ترى لعبة كوجيما الأصلية المكملة لسلسلة ميتل جير النور خارج اليابان بتلك الفترة.

بالعام 1994 قام كوجيما بإصدار عنوان جديد خاص به بإسم Policenauts لجهاز الـNEC PC-9821 وهي لعبة ادفنشر مصورة بطابع مرعب بعض الشئ، اللعبة تم نقلها لاحقا لجهاز الـ3DO والبلايستيشن الاول والسيجا ساترن ولم تحصل اللعبة على إصدار غربي بسبب عدم قدرة المبرمجين على ربط الأصوات الغربية مع الصورة، بالعام 1998 حقق كوجيما النجاح الأكبر له و الظهور الإعلامي الانجح له عندما قام بإخراج لعبة Metal Gear Solid على البلايستيشن الأول مع إنتقال كامل للبعد الثالث والكثير من اللقطات السينمائية والقصة القوية جدا وفازت اللعبة بالكثير من الجوائز كلعبة العام وتصدر اسم كوجيما كل الوسائل الإعلامية ليبدأ عهد كوجيما.

(لعبة غير تقليدية و اسطورة خالدة بعالم الألعاب)

بعد نجاحات لعبة ميتل جير سوليد على البلايستيشن الأول، أرتبط اسم كوجيما كثيرا مع السلسلة، فطور الجزء الثاني والثالث لها على البلايستيشن2 و الرابع على البلايستيشن3 وكذلك مجموعة من الألعاب على جهاز سوني المحمول PSP وريميك للجزء الاول لجهاز الجيم كيوب، لم يخرج كوجيما من عالم ميتل جير إلا بالعام 2001 مع لعبة حرب الآليات Zone of the Enders التي لم تلقى نجاحا تجاريا كبيرا وحصلت على جزء ثاني لاحقا، كوجيما حاليا يعمل على مشروعين، الأول هو الإشراف على عملية تطوير لعبة Metal Gear Solid: Rising بالتعاون مع فريق بلاتنيوم جيمز، والمشروع الثاني وهو الأهم الجزء الخامس من سلسلة العاب ميتل جير سوليد.

لاشك أن كوجيما يمثل واحد من أهم علامات مطوري ومخرجي الألعاب بالفترة الحالية، كيف لا وهو يقدم لنا تجارب لاتدري هل تصنفها بانها إبداع سينمائي أو العاب مذهلة، لانختلف كثيرا بالمسمى فالجوهر هو أن العاب كوجيما تقدم تجارب خالدة بسوق الالعاب مع مظهر خلاب وإعادة كل مفاهيم التقنية الحديثة بأبهى صورة، ننتظر مؤتمر كوجيما بشهر اغسطس الحالي لنتعرف على مستقبل هذا العبقري وماسيقدمه لنا مع فريقه.

شارك هذا المقال