أهلاً بكم مجدداً في عالم الأساطير… حيث تتجسد المعاني التي نراها في حياتنا اليومية بشخصيات تمثلها في صورةٍ أوضح وأجلى من ما رأيناه من قبل.
لا أخفيكم علماً بأنِّي كنت متحمساً لإصدار الجزء الثاني من Darksiders، اللعبة التي قدمّت بجزئها الأول طابعاً مذهلاً ومتنوعاً وكانت مفاجأةً للكثير من لاعبيها ومن بينهم أنا لاقتباسها الكثير من الألعاب المختلفة وتقديمها برونقها الخاص مجسدةً إحدى ملاحم السلاسل، فلكم تخيل مدى حماسي للجزء الثاني من اللعبة… فيما يلي هذه السطور مراجعتي للجزء الثاني من لعبة Darksiders.
قصة هذا الجزء تبدأ بمغامرة بطلنا Death (الموت) لسعيه في تبرئة أخيه War (الحرب) “بطل الجزء الأول” حيث أنّ الأخير اتُّهم باتهامات تجعله محاكماً في العالم السفلي، وبذلك نرى مغامرة بطلنا الدؤوبة لهذا المبتغى وهذه الغاية التي يصبو إليها.
في باديء الأمر، أريد أن أشيد بأنّ تمثيل الشخصيات بصفاتها الممثلة لها (الحرب + الموت + الحاكم المضحي + البائع الماكر + المدرب الحنون والقاسي… إلخ) تمّ بأفضل نهج من الممكن تقديمه كما أسلفت ذكراً، فالشخصيات تمثل ما يجب منها وما هو متوقع من صفاتها، الأمر الذي يضعنا في مفارقات هائلة في طريقة احتكاك هذه الشخصيات ببعضها البعض.
كما أنّ هذا الأمر ينصب لصالح الرمزيات التي تقدمها أحداث هذه القصة والتي تزخر بالمعاني والتضحيات التي قد يقدمها ويصل معها إلى أبعد بقاع الأرض من أجل هدفٍ ما.
ولكن في مقابل ذلك، تشتيت القصة من أكثر من منظور مع عدم تقديم بعض الشخصيات بالشكل اللائق يعدُّ عائقاً ضخماً أمام الإستمتاع في خِضمِّ هذه الحكاية، وكأن المطور يتوقع من كل شخص أن تكون له دراية بالشخصيات ومعانيها من دون اطلاع مسبق أو شرح مفصّل، الأمر الذي سيجعلك تفتح ثغرك مستغرباً من سير الأحداث حيناً ومن ردود أفعال بعض الشخصيات في الحين الآخر.
بطلنا الرئيسي في جزئنا هذا هو Death، وكما يعلم الكثيرون هو الموت، وكما هو متوقّع من الموت فيجب أن يكون خفياً، حازماً، قاسياً، قليل الكلام أو عديمه… الأمر الذي لم نراه في هذه الشخصية التي تتحدّث بأكثر من ما يتحدّث فيه خصومها، وعلى عكس ذلك ففي الجزء الأول بشخصية War وهو الحرب فنراه الشخص الذي كنا نريد أن نرى به شخصية الموت، الأمر الذي أدّى إلى تضاد “قد” كان يصبو إليه المطور كنوعٍ من التنويع، ولكن هل كان الأمر كذلك فعلاً؟
الشخصيات الثانوية في اللعبة لا تعطي دوراً كبيراً في تجسيد معانيها ولا سيراً كبيراً في مجريات الأحداث، فالبطل يقوم بلقاء حليف أو مواجهة خصم وبعد الحديث معه نضمُّه إلى مقبرة الماضي من دون وزنٍ يذكر، وذلك بعد النفخ الهائل من سير الأحداث المؤدي إلى هذه اللقاءات والقتالات.
الأسلوب القتالي وللأمانة فقد تطوّر بشكلٍ هائل عن جزئه السابق، فاللعبة انتهجت أسلوب الـHack and Slash (اخترق واضرب) في قتالاتها، مع تنوع هائل في طريقة القتال وتطوير الضربات، حيث تسمح بالحرية الكاملة لتطوير شخصيتك كما تريد، فهناك شجرتين رئيسيتين (مستحضر الأرواح والمنذر)، فالأولى تُعني بتطوير قدرات بطلنا بالشكل الذي يجعلك تقوم باستدعاء حلفاء بأكثر من شكل لمساعدتك في القتال، وأمّا الثانية فتقوم بتطوير أساليبه القتالية المباشرة، الأمر الذي يمدُّ يده إلى شريحةٍ أكبر، وتستقطب الكثير من اللاعبين ليحظوا بأفضل تجربة قتالية حسب مذاقهم الخاص، مع إمكانية تطوير ذات الخواص إلى مستويات أعلى.
من الممكن القول بأنّ تنوع الأسلحة والأدوات زاد ونقص في آن الوقت عن جزئها السابق، فكيف ذلك؟
فلنبدأ بالقول بأنّه يجب عليك إلباس Death من رأسه إلى أخمص قدميه، أي أن تقوم بإعطائه سلاحاً رئيسياً (ويكون المنجل) وسلاحاً ثانوياً (مطرقة أو فأس أو مخالب… إلخ) مع اختلاف خواص كل واحد، بالإضافة إلى إلباسه درعاً وقفازات وأحذية وقلادات وواقيات أكتاف مع تنوع هائل جداً في أعدادها واختلاف خواصها وإمكانية تطوير بعضها لما يناسبك عاكساً ذلك على شكل الشخصية الخارجي من الإختيارات التي تقع عليها، الأمر الذي سيجعلك في حيرة لزيادة خواص معينة للشخصية من زيادة الدفاع أو الهجوم أو إضافة نوع معين لأسلحتك (ثلجية أو نارية أو كهربائية).
وعلى عكس ذلك، فالأدوات التي يقتنيها Death قد قلّت بشكل ملحوظ عن ذي قبل، والتي تساعده في تخطي ألغاز المعابد والمناطق التي يقوم بزيارتها في مغامرته، الأمر الذي ينعكس سلباً على تنوع الألغاز واختلافها في اللعبة، وزيادة التكرار فيها.
اللعبة تحتوي عالماً ضخماً جداً، فقد صدق من قال بأنّ المنطقة الواحدة قد تعادل عالم الجزء الأول بأكمله، فالمناطق واسعة جداً، ولكن للأسف فهي قد تكون فارغة تماماً، مع بعض الأسرار المنتشرة هنا وهناك بشكل غير متواز الأمر الذي لا يدفع بالإستكشاف بشكل مغري، مع نظام تحفيز بجوائز واهية في معظم الأحيان بأسلحة قد تكون لديك ما يفوقها في الوقت الراهن، وكذلك فالبلاتفورمنج (قفز المنصات) والتنقل قد تم صقله، حيث أن شخصية ديث أكثر خفة عن أخيه وور ويستطيع المشي على الجدران لفترة وجيزة مع تنقله السلس والسريع بينها، أمّا بالنسبة لتصميم المعابد وتنوعها فقد تلقّت ضربةً كبيرةً من هذا السياق والمنطلق، فقلة الأدوات كما ذكرت سابقاً أدّت إلى قلة تنوع الألغاز وتشابهها بين المعابد مع تكرار ذات اللغز مراراً وتكراراً في نفس المعبد الأمر الذي يبعث بلحظات الملل إلى أوجهها في بعض الأحيان وتركك للعبة لفترات طويلة غاضباً من اختبارها السيء لذكائك.
المعابد والمناطق على عددها فهي مكرّرة بالشكل والمضمون، لا زلت أذكر تلك المنطقة في العالم الخارجي التي قمت بالمرور فيها فرأيت تغير ألوان الشاشة من الخضراء إلى الصفراء، وكأنّ المطور يخبرنا بأنّ المنطقة تغيرت عن ذي قبل، الأمر الذي قد يضحكني كون أنّ المطور قد قام بتقديم تنوع هائل في جوانب من ناحية الأسلحة والقتال مهملاً بعض الجوانب الأخرى كالجرافيكس وتنوع المناطق وكأنّ أحدها يستطيع أن يكمل اللعبة لوحدها من دون الجانب الآخر مسانداً له.
سلسلة التأجيلات التي كانت تسبق صدور اللعبة لصقلها بأكبر قدر ممكن قد تكون أفضل شيءٍ لمنتظري اللعبة لتأكيد حصولهم على أفضل منتج من الممكن تقديمه، ولكن للأسف فالأمر ليس كذلك في المنتج النهائي… الأخطاء التقنية كبيرة وهائلة في اللعبة، فتارةً أقوم بإنقاص طاقة أحد زعماء منطقة من المناطق إلى الصفر، حيث أنّ أسلحتي لا تقوم بإنقاص طاقته أكثر من ذلك ولكنه يأبى أن يسقط لمجرد أنّه يأبى ذلك، وكذلك واجهني خطأ آخر حيث بتحرك كاميرا اللعبة انتقلت من منطقة إلى منطقة أخرى في اللعبة وقامت باختصار معبد كامل من دون أي جهد مضني من قبلي، ولا أريد التحدث في تكرار تفاصيل العوالم والتي يتم تغيير ألوانها لسد أفواه من سيلاحظون تطابقها مع اختلاف أماكنها، إلى الأطراف الغير مصقولة للشخصيات وملابسها، بتفاصيل متأخرة بشكل ملحوظ عن نظيراتها من الألعاب في هذا الجيل.
التمثيل الصوتي في اللعبة لا شك بأنّه جيد جداً، فجميع المحادثات مسموعة ومكتوبة في آنٍ واحد، ولكن ليست هناك تلك الشخصية التي قدمّت لي الأداء الصوتي المذهل الذي قام بتجسيد معناها بالشكل المطلوب، فأداؤهم من جيِّد إلى جيِّد جداً فقط.
ميكانية اللعب سهلة وبسيطة، فأنت تستخدم زر الـA للقفز وزر الـX للضرب بالسلاح الرئيسي (المنجل) وزر الـY للضرب بالسلاح الثانوي (على حسب اختيارك)، وكما أنّ التحكم يكون بالأنالوج الأيسر للشخصية والأنالوج الأيمن لتحريك الكاميرا، وزر الـLB لتحديد اختصارات لأسلحتك وضرباتك المفضلة كاختصارات سريعة، وزر الـLT لتثبيت الشاشة خلف الشخصية أو كتثبيت لخصومك، وزر الـRB للتفادي، وزر الـRT لاستخدام أحد الأدوات المختارة (الأزرار لنسخة الـXBOX 360).
القوائم سهلة وتوزيع الأزرار مريح وسلس، ولكن التنقل بين القوائم بطيء للغاية ويجعلك تندم فتحك لها من الأساس، وكما أنّ اللعبة تعاني من انخفاض في عدد الإطارات في بعض القتالات والمناطق المزدحمة، ولكن مشكلة الـScreen Tearing (تمزق الشاشة) تم معالجتها بشكل ممتاز بهذا الجزء عن جزئها السابق الذي كان يرتع فيه.