لا يوجد هناك شعور أفضل من العودة إلى الوطن بعد غياب طويل، الجندي المخلص أليكس شيبرد أصيب في أحد المعارك لتنتهي بذلك فترة خدمته، و ها هو ذا يعود مجددا إلى مدينته الحبيبة Shepherd Glen، و نعود نحن معه إلى الإصدارة السادسة لسلسلة كونامي المرتكزة على الرعب النفسي بشكل أساسي و نراجعها لكم بعد أن قمنا بإنهاء الكابوس بنجاح على جهاز إكس بوكس 360، شيبرد جلين تجاور مدينة سايلنت هيل المنكوبة في موقعها و بذلك كانت العبارة التالية التي رددها السكان على أولادهم كثيرا منطقية للغاية .. “لا تذهب أبدا إلى سايلنت هيل”.
حققت لعبة كابكوم “ريزدنت ايفل” الكثير من الضجة عندما صدرت لأول مرة على جهاز بلاي ستيشن الرمادي، و هنا جاءت العقول المفكرة في كونامي و فريق Team Silent لتطلق إلى العالم لعبة الرعب “سايلنت هيل” و التي أصبحت من أهم ألعاب الرعب لاحقا، كونامي لم تحاول استنساخ ما قدمته كابكوم و لم تسلك منهج رعب النجاة، بل ارتكزت لعبتها كثيرا على “الرعب النفسي” و الغموض الذي يحوم حول جميع شخصيات و أحداث اللعبة، مما خلق عالما ممتعا للغاية و مختلفا في الوقت ذاته عما رأيناه في ألعاب الرعب الأخرى، لعبة كونامي الأولى سببت الكثير من الكوابيس للاعبين، و استوحت السلسلة منذ إصدارتها الأولى الكثير من أفلام David Lynch و روايات الكاتب الأمريكي الشهير ستيفن كنج، و بعد نجاح الإصدارة الأولى عادت كونامي لتقدم الإصدارة الثانية و هي الأفضل في السلسلة حتى الآن على جهاز بلاي ستيشن2، سايلنت هيل 2 قفزت بتقديم القصة إلى أبعاد أخرى في السلسلة و قدمت حبكة قد لا تتكرر مرة أخرى، كما شهد الجزء الثاني أفضل أعمال الملحن المميز أكيرا ياماوكا على الإطلاق، و الذي أصبحت ألحانه من العلامات المميزة و الدائمة لسايلنت هيل.
قامت كونامي بإصدار نسخة خاصة من لعبتها سايلنت هيل 2 إلى جهاز مايكروسوفت إكس بوكس الجديد آنذاك، و جاءت هذه الإصدارة بعنوان Restless Dreams و قدمت فصلا إضافيا في القصة لتوضيح بعض الغموض حول أحد شخصيات اللعبة، كما صدرت هذه النسخة المحسنة أيضا على أجهزة الحاسب الشخصي للمرة الأولى في السلسلة، ثم قدم “تيم سايلنت” الجزء الثالث من اللعبة و الذي اعتبر كجزء مكمل حقيقي للإصدارة الأولى، الجزء الثالث استغنى عن تقديم عروض الـComputer Graphics التي رافقت أول إصدارتين و استبدلها بمشاهد مبنية على محرك اللعبة، نالت هذه الإصدارة الكثير من المديح بتقديمها رسوميات عالية المستوى و أجواء مميزة للغاية، ثم انتقل الفريق إلى العمل على لعبة رعب جديدة كليا تحت اسم The Room، إلا أن القرار صدر أخيرا بتحويل المشروع إلى الجزء الرابع من سلسلة سايلنت هيل، و رغم قاعدة المعجبين للعبة كونامي المرعبة إلا أن المبيعات لم تكن جيدة للغاية و بقيت تتراجع بشكل مستمر، و هنا تم اتخاذ القرار بنقل السلسلة إلى مطور غربي للمرة الأولى مع إصدارة Silent Hill Origins التي رأت النور على كل من البلاي ستيشن المحمول و البلاي ستيشن الثاني، قبل أن يقدم استوديو Double Helix أخيرا إصدارة الجيل الجديد من اللعبة تحت عنوان Homecoming، و سنبدأ معكم بسرد أهم مميزات هذه الإصدارة و ذلك قبل الخوض في تفاصيل هذه المراجعة و تحديد الإيجابيات و السلبيات التي قدمها فريق العمل الجديد.
- الإصدارة السادسة من سلسلة سايلنت هيل
- 10 ساعات من المغامرة المليئة بالإرباك
- نهايات متعددة لتحصل عليها و تكشف خبايا القصة بشكل كامل
- مزيج لا بأس به من الأسلحة اليدوية و النارية ، مع إمكانية تنفيذ هجمات مركبة بسيطة
- أحداث اللعبة تجري في العالم الحقيقي و العالم المظلم و يتم التبديل بينهما في الزمن الحقيقي خلال اللعب
- استخدام جيد لمقاطع الحركة السريعة التي تتطلب ضغط زر معين في وقت ما و المعروفة بـQTE
لطالما كانت طريقة اللعب هي العنصر الأضعف في السلسلة، لحسن الحظ، قام فريق دبل هيلكس بعمل جيد هنا، Homecoming هي الأفضل في السلسلة من ناحية اللعب، ليست بذات الجودة بالمقارنة مع لعبة كـDead Space مثلا لكنها تقدم الكثير من التعديلات المطلوبة على جانب لطالما كان الأضعف في ألعاب سايلنت هيل، بداية تم إصلاح نظام الكاميرا البالية التي كانت تضطرنا إلى تعديلها طوال الوقت سابقا، حيث الان ستقوم بتحريك بطلنا أليكس شيبرد مع تعديل الكاميرا باستخدام عصاتي الأنالوج اليمنى و اليسرى بلا مشاكل، كما تستخدم اللعبة منظور فوق الكتف على غرار ريزدنت ايفل الرابعة عند استخدام الأسلحة النارية، إلا أن اللعبة للأسف لن تتيح لك التمتع بهذا المنظور كثيرا لقلة توفر الذخيرة.
بإمكاننا أن نقسم لكم طريقة اللعب في هومكومنج إلى عنصرين رئيسيين، القتال اليدوي و حل الألغاز، القتال اليدوي تحسن بشكل كبير عن السابق و ستكون الأسلحة اليدوية كـ الخنجر و الماسورة رفيقك الأمين للقضاء على الوحوش المرعبة في مدينة شيبرد جلين، بإمكانك الآن تفادي هجمات الوحوش عن طريق ضغط زر B، عليك دائما أن تنتبه إلى تحركات الوحوش و أن تقوم بالتفادي في اللحظة المناسبة، لتقوم بهجمة عكسية سريعة بعد ذلك، يمكنك تلقين هذه الوحوش درسا عن طريق ضغط زر A الذي ستستخدمه للقيام بالضربات الخفيفة، أما الضربات القوية و التي تشل حركة الأعداء لثوان قليلة فيتم استخدامها عن طريق الزر X إما بالضغط على هذا الزر أو شحنه لفترة زمنية معينة لإحداث كمية أكبر من الضرر، يمكنك الضغط على كل من A و X وفق ترتيب معين للقيام بهجمات مركبة أيضا، أما في حالة فشل هجماتك المميتة و طرحك أرضا من قبل الأعداء، ستتمكن من النهوض سريعا عن طريق ضغط زر B في الوقت المناسب، تم تصميم الوحوش بعناية و دقة كبيرة، كل منهم له نقط ضعف يجب عليك استغلالها و سيضطرك هذا لاستخدام جميع أسلحتك و التفكير باستراتيجيات مختلفة، كل وحش يملك نقاط قوة عليك تجنبها و نقاط ضعف عليك استغلالها، لكننا افتقدنا كثيرا لخاصية تقطيع الأطراف و إصابة الأعداء في أكثر من منطقة مؤثرة مما كان يعيق تحركاتهم بشكل او بآخر كما كان في لعبة Dead Space.
كذلك لا يبدو الذكاء الاصطناعي جيدا في اللعبة على الإطلاق، أحيانا تبدو الوحوش عنيفة بشكل زائد عن الحد و ستبقى تهاجمك بشكل انتحاري، و أحيانا أخرى ستجدها كالحمل الوديع تنتظرك لتجهز عليها، فيما مررنا ببعض المواقف و التصرفات الغريبة للغاية حيث كانت الوحوش تدير ظهرها للاعب و تذهب بعيدا متجاهلة خطر الموت الذي يحيق بها بلا سبب! الذخائر و أدوات العلاج كانت شحيحة باللعبة و شعرنا بأن توزيعها لم يكن جيدا بالشكل الكافي، و نقاط الحفظ كانت متباعدة للغاية بشكل مزعج.
حسنا لنتحدث قليلا الان عن حل الألغاز و الاستكشاف باللعبة، بداية تعود خريطتك المحببة ذات العلامات الحمراء، يمكنك مشاهدتها عن الضغط على زر Y، لكنك ستلاحظ إضافة جميلة ها هنا حيث أن اللعبة ستعرض لك “الأهداف” عند الضغط على زر X خلال استعراض الخريطة، و يبدو ذلك مفيدا للغاية كي لا تضيع أثناء اللعب و تعرف ما الذي ينبغي أن تحاول فعله في الخطوة التالية، اما الألغاز الموجودة باللعبة فهي حقيقة أقل عمقا و أكثر سهولة مما رأيناه في الأجزاء السابقة، و لم نواجه أي صعوبة معها سوى في المناطق الأخيرة، أثناء التجوال و التنقل لحل الألغاز ستلاحظ إضافة أخرى لطريقة التنقل باللعبة حيث يمكنك احيانا ان تقفز فوق بعض الحواجز أو تنحني لتمر من أسفلها، مما يجعل رحلتك التي ستقضيها سيرا على الأقدام أكثر متعة من السابق، لكن الحقيقة و بالرغم مما تم ذكره مسبقا فإن اللعبة لا تستطيع مضاهاة غيرها في طريقة اللعب فالمعيار قد ارتفع كثيرا خلال السنوات الفائتة و هومكومنج ليست عميقة بالشكل الكافي لتتركك مستمتعا باللعب إلى النهاية.
ما الذي يجري هنا؟
اذا كنت لعبت أيا من أجزاء سايلنت هيل السابقة فلا بد بأنك تعي تماما الغرض من هذا السؤال من لعبة أجادت دوما تقديم الأجواء الغامضة و إصدارة الجيل الجديد ليست استثناء، هومكومنج تقدم قصة جيدة للغاية لكنها تعاني من ضعف و ركاكة الشخصيات إنهم الأسوأ في السلسلة على الإطلاق، الحوارات أيضا ليست بقوة أو تأثير الأجزاء الماضية، بشكل أو بآخر تفقد اللعبة جزءا ملحوظا من الرعب النفسي الذي اشتهرت بتقديمه خلال الكثير من لحظات اللعب مما قد يحبط الكثير من العشاق، حيث أن بصمة الفريق الأمريكي و فكره يظهران بشكل جلي على ما تقدمه لك هذه الإصدارة، تتيح لك هومكومنج أيضا “صنع القرار” أثناء المحادثات و في الواقع فإن هذا النظام جديد على السلسلة و يمثل الطريقة الغربية في تطوير الألعاب، بعض الاختيارات التي ستصنعها في محادثات معينة تحدد النهاية التي ستحصل عليها فيما بعد، و بشكل عام يحلو لي أن أقسم القصة و الأحداث في اللعبة إلى ثلاث مراحل، المرحلة الأولى تمثل بدايات اللعبة هي الأكثر شبها بالأجزاء السابقة، المرحلة الثانية الأسوأ و تم تقديمها على غرار أفلام الرعب الرخيصة، المرحلة الثالثة تمثل الثلث الأخير من اللعبة و هي الأفضل و فيها ستبدأ خيوط القصة بالتجمع حتى تصل إلى النهاية.
Silent Hill : BugsComing؟
قد تنال منا اللعبة قليلا من المديح فيما يخص الرسوميات، و ذلك للإضافة الذكية لمحرك هافوك الفيزيائي الذي يضيف الكثير لجو اللعبة المربك، و الظلال المتراقصة التي ستلعب بخيالك كثيرا، لكنها ستنال منا الكثير من الذم و عدم الرضى، هذه الإصدارة تفشل و للأسف الشديد للارتقاء إلى مستوى الألعاب المتواجدة بالسوق هذه الأيام، ليس ذلك فقط بل انها في غاية السوء فيما يخص الشخصيات، نموذج أليكس يبدو جيدا قليلا بالرغم من معطفه “الممسوح” أما البقية فحدث و لا حرج، الشعر يبدو و كأنه قادم من جيل الننتندو64 مباشرة بل إن الشخصيات في أجزاء الجيل الماضي كانت تبدو أفضل، الأرضيات و المجسمات تبدو ممسوحة تماما و خالية من التفاصيل بل إن اللعبة تعاني أيضا من انخفاض مثير للدهشة في معدل الإطارات بدون أي سبب، و حتى أن أغلب أماكن اللعبة تبدو متشابهة بدرجة كبيرة، لكن الطامة الكبرى هي تواجد العديد من الأخطاء البرمجية في اللعبة بدرجة تدعونا إلى التساؤل عن قدرات المبرمجين لدى دبل هيلكس، حيث أن بعض الأخطاء البرمجية قد تجعلك عالقا في مكان ما لتضطر إلى إعادة اللعب من آخر نقطة حفظ!
و لم تقدم اللعبة الكثير في المجال الصوتي كذلك، التمثيل الصوتي للشخصيات ليس بجودة الإصدارات السابقة إطلاقا و مرة أخرى لم نجد صوتا يستدعي الاهتمام في اللعبة ربما باستثناء المؤدي الصوتي لأليكس شيبرد، أما المؤثرات الصوتية فهي عادية للغاية و لا يمكن مقارنتها بالمستويات التي نحصل عليها في ألعاب اليوم، أكيرا ياماوكا قام بعمل جيد في تلحين اللعبة مع القليل من المقاطع المميزة منها الأغنية الرئيسية للعبة One More Soul to Call ، لكنه إجمالا لا يضاهي ما قدمه في الجزء الثاني بالذات.
في النهاية وجدنا أنفسنا محبطين من سايلنت هيل هومكومنج، ليس بسبب عدم ارتقائها للمستوى المطلوب و المتوقع من لعبة حديثة فقط، بل لأنها أيضا لم تنجح تماما في تقديم أجواء سايلنت هيل المعهودة بكفاءة طوال الوقت، كان من الممكن أن تكون هذه اللعبة أفضل مما هي عليه بكثير.