عندما بدأ الجيل الحالي من الأجهزة دخلت سلسلة PES أو كما يعرفها العشاق القدامى بوننج اليفين في متاهة كبيرة أفقدتها التركيز و الريادة. اللعبة خلال سنوات الـPS3 و Xbox 360 فقدت بريقها و رونقها، بل أيضا فقدت هويتها المعروفة. و كان السبب حقيقة عوامل مختلفة، بعضها يدركه فريق التطوير الأساسي في الياباني و البعض الآخر لا زال يبحث عنه. و كل عام نأمل على أن السلسلة ستحدث تلك التغييرات الجذرية التي تعيدها على خارطة أصبحت فيفا المتألقة تسيطر عليها تماما. لكن النتيجة كانت مجهودات عشوائية و ضياع للتوجه في السنوات الماضية، لكن كل بوادر الأمل الحقيقية بدأت من معرض E3 هذا العام، عندما جربنا ديمو اللعبة اللذي صدمنا بشكل إيجابي على غير المعتاد. لكن هل كان بصيص الأمل ذلك مجرد وهم من أوهام الديمو و E3 المعتادة، أم هل حقا استطاعت كونامي أخيرا و لو متأخرا من أن تحدث التغيير المطلوب لهذه السلسلة العريقة؟
فريق تطوير متجدد
لعل أول خطوة قامت بها كونامي هي إجراء تغييرات على نفس فريق العمل في اللعبة، حيث تم تغيير هيكلة الفريق و ابتعاد الأب الروحي للسلسلة السيد “سيباس” عن دور المنتج. هذه التغييرات كانت مؤثرة جدا على عملية التطوير، فهذا العام و لأول مرة في هذا الجيل أحسست أن الفريق يعي تماما ما يفعل، و تم التركيز على نقطتين مهمتين في عملية التطوير. الأولى كانت إعادة المنطقية للعبة بتحسين ردات الفعل و الذكاء الإصطناعي للكمبيوتر. الثانية هي زيادة الإحترافية باللعبة و الواقعية، و تم ذلك عن طريق ميكانيكيات لعب جديدة على السلسلة و على ألعاب كرة القدم بشكل عام، بالإضافة لرسوميات لاعبين محاكية بشكل كبير للواقع. لنتحدث عن هذه النقاط بشكل مفصل في ما تبقى من المراجعة.
هل يمكن أن تكون PES منطقية؟
لعل أحد الأمور التي جعلت هذه اللعبة تبدو كارثية في بعض الأجزاء الماضية هي عدم الواقعية، أو بشكل أكبر عدم المنطقية. فتجد تارة اللاعبين يخترقون بعضهم و كأن الفيزيائة معدومة، و تجد أحيانا اللاعب يجنح من الجهة اليمنى ليرفع الكرة بدقة برجله اليسرى، في حركة تكسر قوانين الفيزياء بأكملها. لكن من الرائع أن نعلم هذا العام أن العمل كان رائعا على فيزيائة اللعبة، فاللاعبين أصبحوا يتحركون بشكل منطقي و يستخدمون الرجل الأسهل أثناء التسديد. و رغم تجربتي الطويلة لم أجد أي كرة تدل على وجود حركة غير منطقية تماما كما حدث بسهولة معي في الأجزاء الماضية. الفيزيائية التي أتحدث عنها تنطبق على كل العوامل، سواء الإحتكاك بين اللاعبين، أو طيران و اتجاه الكرة و غيرها من الأمور.
لكن هذا العمل الرائع لا يكتمل الا بوجود رسوميات ممتازة. الأجزاء الماضية من اللعبة عانت من حركة اللاعبين الغير واقعية، خصوصا ركضة الرجل الآلي الشهيرة. هذا العام لم تقم PES بتحسين الرسوميات فقط، بل أعتقد أنها أصبحت الأفضل من هذه الناحية حتى مقارنة مع فيفا. هناك العديد من الرسوميات الجديدة للاعبين، سواء من وضعيات تسديد أو تشتيت للكرة أو قفزات أو احتكاكات. هناك تنوع كبيرة و كأنك تشاهد مباراة حقيقية في كل مرة. من الرائع أيضا أن بعض اللاعبين المميزين مثل ميسي و رونالدو يملكون رسوميات خاصة بهم، و من تجربتنا نجد أن الكثير منهم فعلا يحاكون واقعهم كثيرا. لكن رغم ذلك لا زال هناك مجال كبير للتطوير في الرسوميات أو حتى الفيزيائية. هناك بعض الأحيان التي تجد فيها اللاعبين يقومون بركضة غير منطقية أو غريبة. أيضا أثناء الإحتكاك بين لاعبين أو أثناء مواجهتك للكرة تجدها تمر بجنبك أو يمر اللاعب و كأن أحدا لا يقف في مكانك.
الإحترافية الجديدة
إصدار هذا العام من PES قام بشجاعة بإضافة مجموعة من خصائص التحكم الجديدة و المحسنة أيضا، و الكثير منها بكل واقعية يضيف بعدا إحترافيا جديدا للعبة. الإضافة الأولى التي سأتحدث عنها هي اللمسة الأولى، و هي خاصية تتيح لك التصرف بالكرة سريعا بلمسة واحد عند استلامها. و هذه الخاصية متاحة للكرات الهوائية و الأرضية، كمثال للكرات الهوائية يمكن استلام الكرة العرضية بالصدر و تحويلها للأمام مباشرة و تجاوز لاعبين من الوسط. كمثال على كرة أرضية يمكن ضرب الكرة برأس القدم ثم ركلها في الهواء فوق المدفاع الذي يواجهك مباشرة. هذه الخصائص تتم عن طريق زر RT\R2 أو زر RS. هناك أيضا زر L2\LR الذي يتيح لك الركل بحرية في اتجاه محدد حيث سيظهر سهل في الأسفل ليساعدك على التوجيه إن أردت. هذه الخاصية متاحة سواء للتسديد أو الرفع أو التمرير أو البينيات. من الخصائص المهمة أيضا استخدام زر RT\R2 للتحكم الدقيق بالكرة و المراوغة. أثناء استخدام هذه الخاصية سيقوم لاعبك بالتحكم بالكرة عن قرب، و مع استخدام زر الركض يمكنك القيام بعدة مهارات مختلفة. مثلا يمكنك ركل الكرة على يمين اللاعب و الركض يساره لتجاوزه، يوجد حركة أخرى أضافتها كونامي و هي حركة “الكوبري”، و يمكنك تنفيذها على اللاعبين أو حتى الحارس. لكن الحق يقال، بعض هذه الحركات يصعب تنفيذه حتى في طور التدريب، فما بالكم أثناء المباريات. لكن يمكن القول أن هذه الحركات هي لمن يبحث عن احترافية أكبر في اللعب، و من يتعلمها و يتقنها سيكون له تفوق كبير على منافسيه.
أساسيات اللعب
حديثنا في الأعلى عن الخصائص الجديدة لا يمنعنا عن التحدث عن الخصائص الرئيسية المستمرة أيضا. كما قلنا سابقا أن الفيزيائية و الرسوميات المحدثة للعبة ساعدت على تطوير نظام اللعب الأساسي كثيرا. حركة اللاعبين و سرعتهم أصبحت منطقية جدا، التمريرات و التسديدات و الرفعات تتم بشكل سلس و رائع جدا. هناك بعض العيوب الواضحة أحيانا، مثل حركة 1-2 و هي من الخصائص الرئيسية في أي لعبة كرة قدم. للأسف في جزء هذا العام تنفيذ 1-2 غير مفيد جدا، حيث أنه في الكثير من الأحيان يتأخر اللاعب الآخر في التقدم بعد التمرير و يتوقف و يلغي الركض بشكل غريب في أحيان أخرى. لكن كونامي قامت بإضافة بعض الخصائص الجديدة للـ1-2 هذا العام، فتستطيع كمثال أن تستخدم عصا الأنالوج اليمنى لتوجيه اللاعب في الإتجاه الذي تريده أن يركض اليه بعد التمرير. أيضا حركة اللاعبين بدون كرة تحتاج الى بعض التعديل، لكن بشكل عام أصبح الذكاء الإصطناعي أفضل من السابق بكثير، و تجد اللاعبين يحاولون فتح الجبهات لك بشكل مستمر.
الحاجة الى الصقل
ما قام به فريق التطوير هذا العام يعتبر رائع جدا، إنها التغييرات الجذرية التي تحتاجها السلسلة منذ وقت طويل. لكن عندما تقوم بتغييرات كبيرة مثل هذه فإن من المنطقي توقع الكثير من الجوانب التي ستحتاج الى صقل أكبر لاحقا. فاللعبة رغم أنها تقدم رسوميات و فيزيائية جيدة، الا أن ردات الفعل سريعة جدا، فمثلا يمكن ضغط زر التسديد رغم أن لاعبا مدافعا قريب جدا منك لتجد الكرة في وسط المرمى بشكل جميل جدا. طبعا في مباراة كرة قدم حقيقية من المستحيل أن تكون للاعب ردة فعل بهذه السرعة، حتى إن كان ميسي أو رونالدو. بشكل عام التسديد على المرمى سهل جدا، خصوصا مع اللاعبين المتفوقين مثل روبين و شنايدر، يمكن تسديد أهداف خرافية دون الإجتهاد كثيرا في عملية التمركز و التصويب. الصقل المطلوب ليس فقط داخل الملعب لكن حتى في القوائم حيث الكثير من اللاعبين تبدون تقييماتهم غير منقطية و متفاوتة جدا.
مشكلة المحتوى
كما تعلمون إنها ليست شيئا جديدا علينا في PES، هذه المشكلة استمرت من وقت طويل جدا. فيفا خلال السنوات الماضية حصلت على كثير من الحقوق الخاصة ببطولات و أندية و لاعبين و ملاعب من شتى أنحاء العالم، و بعض هذه الحقوق تمت بشكل حصري، مما جعل العاملين في كونامي يواجهون صعوبات كبيرة في هذا المجال. العديد من الأندية العالمية لا زالت مفقودة، مثل أرسنال و تشيلسي، و مسميات الدوريات المشهورة مثل الإنجليزي، هناك دوريات بأكملها مفقودة مثل الألماني. لكن لعل أهم شي بالنسبة لنا كلاعبين عرب هو استمرار تجاهل كونامي للمنطقة رغم تحركات المنافسين، كونامي للأسف فشلت للعام الثاني على التوالي من تقديم التعليق العربي في اللعبة. بالإضافة لذلك لن يتواجد في اللعبة أي نادي أو دوري عربي.
اللعبة تحتوي عدة أطوار مختلفة، أهمها دوري الأبطال الأوروبي و يضاف عليه هذا العام كأس دوري أبطال أمريكيا الجنوبية. أيضا هناك طور Master League الشهير و يتيتح لك إدارة فريق بشكل كامل، من الميزانية و عقود الإستثمار الى سوق اللاعبين و التدريب، و يمكنك تجربة الطور على الشبكة أيضا. أما الطور الأخير فهو محاكاة لتجربة أن تكون نجما و لاعبا مشهورا، و في هذا الطور تقوم بإنشاء لاعب أو استخدام لاعب جاهز. حينها تقوم بالتوقيع مع فريق ضعيف نسبيا و تبدأ بشق طريقك الى النجومية. التقديم في اللعبة بشكل عام متوسط و على مقاييس السلسلة التي عهدناها سابقا، بعضها يبدو من جيل PS2 و PS1 أيضا. و هناك محاولات تحسين التقديم بإضافة أغاني مشهورة و لكن الإختيارات تبدو غير مناسبة، و كل شيء لا يتناسق كما في فيفا مثلا.
هل عادت للمنافسة؟
أن أقول أن PES هذا العام أصبحت عند مستوى فيفا هو مبالغة شديدة، فهناك الكثير لعمله في أكثر من جانب من جوانب اللعبة. لكن ما حدث هذا العام للسلسلة هو قفزة كبيرة و تغييرات جذرية ضرورية، إنه كما حدث لفيفا في 2009، الفرق أن EA استطاعت صقل اللعبة بشكل كبير بعد أن وضعت الأساسات المهمة في 2009. الآن كل ما على كونامي قراءة ملاحظاتي و ملاحظات جميع النقاد حول العالم لصقل اللعبة في نسخة 2014 بالشكل المطلوب. لكن مما لا شك أن العام القادم قد يكون الموعد و التاريخ المنتظر لأعيش أنا و عشاق كرة القدم من لاعبي الفيديو لحظة أسطورية، تكون فيها PES و فيفا في قمة مستوياتهم، و يدخلون في منافسة قوية لم تحدث أبدا قط في الماضي.
لعبة PES 2013 شهدت عودة كونامي الى الطريق الصحيح، بتغييرات جذرية رائعة على السلسلة و تكوين لعبة كرة قدم منطقية و واقعية أيضا، و الأهم من ذلك لعبة ممتعة جدا لكل اللاعبين. جزء هذا العام هو الأفضل في جيلنا الحالي، و لا يمكننا حاليا الا انتظار نسخة العام القادم بكل حماس.