تغييرات كثيرة طرأت على عالم الأنمي في نهاية التسعينات وبداية الألفية. تغييرات في نوعية الجمهور والسوق المستهدف، وتغييرات طرأت على أسلوب الرسم مع الانتقال إلى الرسوم الرقمية Digital Art بدلاً من اليدوية، وبلا شك كانت هذه الفترة الانتقالية فترة صعبة على عالم الأنمي شهدت انخفاض أسهم بعض الاستوديوهات وبزوغ قوى جديدة تحكم هذا العالم المتحرك المثير.
من ضمن الأعمال التي ساهمت وكان لها دور كبير في تعريف الجمهور الجديد خارج اليابان بالأنمي، والوصول إلى العالمية وجمهور الmainstream، برزت عمالقة Shonen Jump الثلاث: ناروتو، بليتش، ون بيس. ناروتو بالذات كان الأنمي الذي تصدر الواجهة عندما انفجرت شعبيته بطريقة مرعبة جداً وساهم في خلق جمهور كبير حديث للأنمي الياباني، بليتش كان أحد الخيارات التي يلجأ إليها مُشاهد ناروتو مباشرة للحصول على عمل آخر بنفس النكهة، وأخيراً ون بيس الذي لم يحظى بنفس الشعبية في العالم الغربي ولم تلتفت إليه الأنظار جيداً إلا بفضل الجهود الكبيرة لفريق الترجمة Kaizoku، والذي لولاه لربما لم يشاهد أي منا ون بيس على الإطلاق.
حسناً، أحد محاور النقاش الرئيسة ين عشاق الأنمي كانت تدور دائماً حول ما بعد مالقة الشونين الثلاث، كيف سيكون حال صناعة الأنمي بعد ناروتو، بليتش، ون بيس ؟ كانت الصورة في الماضي تبدو قاتمة في عيون الكثيرين، لأنه من الصعب جداً جداً أن تنجح أي سلسلة أنمي جديدة في تحقيق نفس الشعبية العملاقة لهذه الأعمال، أياً كان رأيك تجاه الشونين عزيزي القارىء، لا تستطيع أن تنكر أن مؤلفي هذه الأعمال لديهم براعة غير عادية في صياغة قصة تُخاطب جمهور الشباب بلغة عالمية، مع صناعة طاقم كبير من الشخصيات المحبوبة، والكثير من الأحداث المُثيرة والأكشن المشوّق. ليس ذلك فحسب، بل نجح ثلاثتهم (بالأخص إيشيرو أودا) على الحفاظ على مستوى العمل المرتفع لفترة طويلة، والاستئثار باهتمام المُشاهد خلال عدة سنوات. نهاية هذه الأعمال كانت ترسم صورة قاتمة تتمثل في عدم قدرة صناعة الأنمي الياباني على جذب جمهور الmainstream من عامة الناس نفس الدرجة السابقة.
بعد نهاية مانجا ناروتو و توقف أنمي بليتش، ودخول أنمي ون بيس في النصف الأخير من القصة، كيف تبدو صناعة الأنمي الياباني من حيث وصولها إلى عامة الناس؟ بغرابة، سأقول بأنها تبدو أفضل من أي وقت مضى، وسأستعرض لكم سريعاً بعض الملامح البارزة للحقبة الحالية من صناعة الأنمي:
*انتشار التراخيص
بفضل خدمات الstreaming مثل Crunchyroll، عادت صناعة الأنمي لتجني الأرباح والدخل عن طريق حقوق الترخيص خارج اليابان، الأمر الذي يسمح إلى تنوع أكبر في الأعمال واستهداف شريحة أكثر تنوعاً من المُشاهدين.
*الوصول إلى عامة الناس
رغم أنها ليست بالأعمال الطويلة المستمرة، لكن هناك عدة مسلسلات أنمي نجحت في تحقيق شعبية عملاقة والوصول إلى جمهور جديد كلياً، ولعل أبرز هذه الأعمال كل من Attack on Titan، و Tokyo Ghoul بالإضافة إلى One-Punch Man. يُمكنك أن تتلمس ذلك جيداً مع متابعة مبيعات المانجا في أمريكا.
*النجاح المتزايد على Steam
كل عام يزداد نجاح الألعاب اليابانية الصغيرة والفيجوال نوفلز على خدمة Steam الخاصة بالحواسب الشخصية، ولعل أبرز قصص النجاح مؤخراً تتمثل في لعبة “فالكيريا كرونكلز” من شركة سيجا، والرواية المرئية Clannad. نجاح هذه الأعمال يزيد من تسليط الضوء على الثقافة اليابانية في الغرب ومُنتجاتها.
*مسلسلات الأبطال الخارقين
هناك انتشار واضح لموضة جديدة وهي موضة مسلسلات الأبطال الخارقين أو “السوبر هيروز”، وخاصة مع القبول الكبير الذي تحظى به هذه النوعية من الأعمال خارج اليابان أيضاً.
*حُمى الأنميات الرياضية لا زالت مستمرة
حُمى الأنميات الرياضية التي بدأت مع Kuroko’s Basketball لا زالت مستمرة حتى الآن، ولا زلنا نحصل على الكثير من مسلسلات الرياضة في كل عام، لحسن الحظ.
*زيادة شعبية وانتشار المسلسلات المدرسية
أعتقد أن مسلسلات الأنمي التي تدور أحداثها في مدرسة، قد ازدادت شعبيتها وانتشارها عن أي وقت مضى في تاريخ هذه الصناعة. أحد أسباب تفضيل هذا النوع من الأعمال للمؤلفين ليس قابلية نجاحه بين الفئة العمرية المُستهدفة فحسب، بل أيضاً كونه يسمح بنموذج عمل كتابي منظم. فهناك يوم مدرسي يبدأ مع الدوام وينتهي بنهايته، وهناك فصول دراسية، وسنوات الإعدادية أو الثانوية، و events معروفة مثل المهرجنات أو الُعطل، مما يسمح بهندسة تفاصيل القصة وتوزيعها بطريقة نموذجية للكاتب ومفهومة جيداً للمُشاهد أو قارىء المانجا.
أنتم بخير ونحن بخير، والأنمي الياباني باق لفترة طويلة.