Schwarzesmarken
الحلقة الأولى

ابتداءً منذ هذا الموسم سأقوم بمشيئة الله بتدوين أنمي فأكثر من الأعمال التي أُقرر أن أتابعها من البداية إلى النهاية. من موسم الشتاء الجديد سيحظى أنمي Schwarzesmarken بمتابعتي الأسبوعية وتدويني لأحداثه وحلقاته على صفحات بوابة طوكيو مع تقييم أسبوعي لكل حلقة. وقع اختياري على هذا الأنمي بسبب حقيقة كونه مقتبس عن رواية فرعية من سلسلة الفيجوال نوفل الشهيرة Muv Luv التي انهمكتُ في قرائتها لبضعة أشهرٍ ماضية. يُسكل هذا الأنمي فرصة إضافيةً لي للتعمق أكثر في عالم سلسلة Muv Luv المُثير وقد يُعطي كذلك فُرصة جيدةً للمُتابع الكريم في التعرف على هذه السلسلة التي كان لها أثر إلهامي لا بأس به في الميديا اليابانية تجسّد في التأثر الكبير لهاجيمي إيسياما بها (مُبتكر شينجكي نو كيوجن). بالطبع، لا أنصح بالقراءة أو متابعة الأنمي لمن يَرغبُ في قراءة الفيجوال نوفل.

يبدأُ الأنمي بدايةً مثاليةً مع مقدمة تشرح حقيقة ظهور الBETA بالشكل الذي عرفناه في الرواية الأصلية، تلك المخلوقات الغريبة المعادية للجنس البشري، والتي يرمز اسمها إلى المُصطلح الكامل: Beings of the Extra Terrestrial Origin which is Adversary of Human Race. ظهرت مخلوقات الBETA على المريخ، ثُم رصدها البشر على القمر قبل أن يبدأ غزوهم للأرض من مدينة Kashgar التي تقعُ في الصين. توضح القصة بعد ذلك الانقسام الذي حصل في ألمانيا إبّان الحرب العالمية الثانية، وكيف انقسمت إلى مُعسكرين غربيّ وشرقيّ. إن سلسلة Muv Luv ليست بسلسلة تتمحور فقط حول الحروب والغرباء، بل هي سلسلة تغوص في أعماق المجتمعات الإنسانية، وتحتوي على الكثير من الإسقاطات السياسية والإنسانية والاجتماعية، وبذلك أنا أجد بأن اختيار ألمانيا بالذات قبل سقوط جدار برلين هو اختيار موفق إلى درجة كبيرة، ويرسخ القواعد والأساسات جيداً لملحمة تجمع بين الحرب الفانتازية وبين المحور السياسي.

يستأنف الراوي حديثه ليتناول جهاز الشرطة السرية التابعة لوكالة الأمن في ألمانيا الشرقية والتي عُرفت باسم ستازي (أو Stasi). إن ألمانيا الشرقية تقع في موقف مُحرج مع غزو الBETA وتقدمهم المستمر عبر الأراضي الأوروبية، ومن أجل الحفاظ على القوى القتالية تخضع البلاد ككل لرقابة صارمة عبر جهاز ستازي حيث يتجسس الزوج على زوجه، والزوجة على زوجها. بالطبع، جهاز ستازي هو جهاز حقيقي تماماً، وهو أحد أفظع الأجهزة الاستخباراتية السرية التي عرفها التاريخ الحديث.، حيث كان هذا الجهاز يتجسس بدقة بالغة على مواطنيه وحياتهم اليومية، وبنفس الشكل الدقيق الذي تم وصفه في حلقة الأنمي، مما جعل المجتمع محقوناً ومليئاً بالشكوك. وسط هذه المقدمة نُشاهد هجوم الBETA على مكان ما في مدينة فرانكفورت الألمانية، والمجزرة التي تحل بفرقة المقاومة.

في مكان آخر، تنطلق فرقة الميكا (TSF) رقم 666، والمعروفة باسم Schwrzesmarken لتنفيذ مهمتها على أرض المعركة: تدمير البيتا التي تنتمي إلى فئة الLaser Class من هذه الموجة المُهاجِمَة، الفئة التي تستطيع قصف الأهداف البشرية الجوية، والتي تسببت في تعطيل السلاح الجوي للبشر ومنح الأفضلية للبيتا في المعركة بين الطرفين (حيث أن البيتا يهاجمون البشر بأعداد هائلة أيضاً تصلُ إلى الآلاف). تتلقى قائدة المجموعة إيرسدينا بيرنهارد نداءَ استغاثة، لكنها تقرر تجاهل هذا النداء من أجل تحقيق المهمة التي تحظى بالأولوية القصوى في الوضع الحالي، وهذا أول قرار وأول لحظة في الحلقة توضح طبيعة سلسلة Muv Luv السوداوية، حيث أن تجاهل الكابتن بينهارد لنداء الاستغاثة يوضح مفهوم التضحية بعدد أقل من الناس من أجل إنقاذ عددٍ أكبر إن أمكن ذلك، كما يُلقي هذا التصرف الضوء حول شخصية الكابتن إيرسدينا نفسها، حيث يبدو أنها شخصية حازمة تماماً، يرجح معها المنطق على العاطفة، كما أنها تتميز في سرعة اتخاذ القرار.

تبدأ بعد ذلك الكابتن بيرنهارد في إلقاء التعليمات لجميع أفراد هذه الفرقة الخاصة، والتي تُعرفنا بها الحلقة فرداً تلو الآخر:

(القائد إيرسدينا بيرنهارد)

(الملازم والتر كروقر)

(الملازم جريتيل جيكلن)

(الملازم فام تي لان)

(الملازم ثاني أنيت هوسينفيلد)

(الملازم ثاني سيلفيا كريزنسكا)

(الملازم ثاني إنقهيلد برونكفسكي)

(الملازم ثاني ثيودور إيبرباخ)

تنخرط الفرقة في الهجوم على جحافل البيتا مهاجمين الTank Class بحثاً عن الوحدات الليزرية، وذلك في تزامنٍ رائعٍ مع الموسيقى الملحمية الممتازة. في هذه الأثناء نرى نسبة الذخيرة المتبقية لدى كل وحدة TSF مع 60% لصالح فام تي لان و 40% لكل من سيلفيا و ثيودور.

الفرق في نسبة الذخيرة يوضح البراعة الأكبر للملازم فام تي لان في التصويب مما جعلها تُحافظ على ذخيرتها بنسبة أعلى من الملازم ثاني سيلفيا كرازنسكا أو الملازم ثاني ثيودور إيبرباخ، وهذه نقطة تطرقت إليها الفيجوال نوفل بالتفصيل من ناحية أهمية الحفاظ على الذخيرة وعدم إطلاق النار بصورة عشوائية. مشهد آخر بعد ذلك يوضح المزيد من لمسات سلسلة Muv Luv وهو الحالة العصبية النفيسة التي تُصاب بها الملازم ثاني أنيت هوسينفيلد. حيث أن الجنود في عالم Muv Luv هم بشر يعانون على أرض المعركة على الدوام، خاصة مع كون الكثيرين منهم من المراهقين الذين تم تجنيدهم للحرب مع العدد الهائل للضحايا التي أصابت جيوش جميع دول العالم مع هجومات البيتا. بسبب ذلك تنضم الملازم ثاني إنقهيلد إلى أنيت لمحاولة مساعدتها. في هذه الأثناء تكشف أنيت عن أولى الملامح لماضيها المأساوي الذي سنعرف عنه المزيد في الحلقات القادمة بلا شك: إن العلاج (النفسي، بالتأكيد) الذي تتلقاه لا يعمل، وهي كل يوم تحلم بالضحايا الذين سقطوا على يد البيتا! من هؤلاء الضحايا؟ هو شيء لا نعرفه في هذه اللحظة. على صعيد آخر، يسخر ثيودور إيبرباخ من الحالة النفسية التي تمر بها آنيت، ويقف وقفة المُتفرج.

بعد ذلك تصل الفرقة بنجاح إلى فرقة الوحدات الليزرية، وتنجح في إبادتها تماماً، إلا أنها تُصدم مع هجوم مُفاجىء لأحد مخلوقات البيتا من فئة الGrappler على آنيت، فتتحرك إنجهيلد لحمايتها وتتعرض لضربة قاصمة من البيتا تتحطم فيه الميكا الخاصة بها وتنشطرُ إلى نِصفين. نعم… إن المُلازم إنقهيلد هي أولى ضحايا هذا الهجوم الفتاك للبيتا من فرقة شفارزسماركن، وأول شخصية تسقط في هذا المسلسل الذي أتوقع شخصياً أن يرسم المجزرة. في مشهد حزين تُصوب الكابتن بيرنهارد سلاحها وتقوم بإنهاء حياة إنقهيلد حتى تُجنبها المزيد من العذاب والألم مع إصابتها المُميتة، مع لحن رائعٍ آخر، وسط دموع ومشاعر الحسرة والألم من أنيت برونكفسكي.

(ابتسامة إنقهيلد في لحظاتها الأخيرة توضح رضاها عن قرار قائدتها)

تتلقى الفرقة بعد ذلك نداء استغاثة من وراء الحدود البولندية، وتُلبي الكابتن النداء بطريقة ذكية من أجل كسب نقاط إضافية لدى القوات الدولية لمقاومة البيتا (UN) بينما تذكروا أنها لم تُلبي نداء الاستغاثة في أول الحلقة. تأخذ معها الكابتن ثيودور إيبرباخ وتُعاتبه على عدم تدخله لحماية أنيت وأن هذا القرار كلّف إينقهيلد حياتها. هنا نرى جانب اتخاذ القرار وأهميته في عالم السلسلة. بالطبع ثيودور لا يسكت ويرد الاتهام مُجيباً بأن الكابتن نفسها ليست الشخص المثالي وأنها في الواقع كانت عميلة لجهاز ستازي الذي تحدثنا عنه في البداية! على أية حال هذا الحوار في الحلقة أراني جانباً آخر من شخصية الكابتن إيرسدينا وهو الدقة في اتخاذ القرار السليم على أرض المعركة واهتمامها الكبير بأفراد الفرقة وإن بدا عليها عكسُ ذلك.

في المشهد التالي يقوم ثيودور بإنقاذ أحد الطيارين، وفور أن يراها يتذكر شقيقته ليزي، حيث يتذكر أنه كان يهرب معها ومع ما يبدو أنهم والده ووالدته عبر الحدود (بين ألمانيا الشرقية و الغربية على الأرجح) قبل أن يقبض العسكر على الاثنين ليفترق كل منهما بين ألمانيا الشرقية والغربية. نعرفُ لاحقاً أن الفتاة تُدعى كاتيا فالدهايم، التي تقوم بعد ذلك بطلب اللجوء السياسي إلى ألمانيا الغربية خصيصاً من أجل الانضمام إلى فرقة شفارزسماركن، بالإضافة إلى رغبتها في صنع أصدقاء على الجانب الآخر من بلادها، ألمانيا. توافق قائدة الفرقة على ذلك من أجل تعويض مقتل إينقهيلد، ويُكلف ثيودور إيبرباخ بتدريبها.

في المشهد الأخير من الحلقة يتحاور كل من ثيودور و كاتيا، حيث يُخبرها ثيودور غاضباً بأن لا تتحدث بانفتاح حول كونها من ألمانيا الشرقية لأن عملاء ستازي قد يقومون بقتلها -باعتبارها خائنة- حيث من المعروف أن ستازي كان لهم عيون في ألمانيا الغربية أيضاً، فوق ذلك فإن قائدة الفرقة شخصياً لها علاقة بستازي كما عرفنا، ويطلب منها ألا تثق أبداً بالقائد إيرسدينا. إن الأعداء ليسوا البيتا فقط بل البشر أيضاً (محور آخر لا يتجزأ من المحاور القصصية في عالم Muv Luv).

على أية حال، أنا راضٍ تماماً عن الحلقة الأولى من الأنمي وأشعر بالفرح الكبير لرؤية المعارك الطاحنة بين البيتا والبشر بشكل مُتحركٍ وبجودة عالية (على خلاف Total Eclipse الرخيص). المُخرج Tetsuya Watanabe نجح في تجسيد الإحساس العام للسلسلة بصورة جادة رغم الموارد المالية التي يبدو أنها متواضعة إلى حدٍ ما، وهذا هو المتوقع منه مع عمله السابق الممتاز على أنمي Kimi ga Nozomu Eien الرائع (الذي يُعرف في الغرب باسم Rumbling Hearts).

تقييم الحلقة: 7.5