هناك الكثير من الحكايا و التقارير التي تناولت التعاون الفاشل بين ننتندو و سوني، شركة سوني كانت تسعى لدخول سوق الألعاب و لكن هدفها على المدى الطويل كان أن تستقلّ بجهازها الخاص و أن تنقُل مطوري الألعاب إلى صيغة القرص الليزري (CD) و ننتندو ألغت الاتفاق عندما شعرت أن سوني ترغب باستخدامها كبوابة للدخول إلى سوق ألعاب الفيديو و ذهبت للتعاون مع شركة فيليبس، هذا التصرف كان رسالة إلى سوني بمعنى “نحن أيضًا لسنا بحاجة إليكم فهناك بُدلاء لكم في سوق الإلكترونيات”. الشخص الذي كان وراء إلغاء هذا الاتفاق هو “مينورو أراكاوا” مؤسس فرع ننتندو الأمريكي و زوج ابنة “هيروشي ياماوتشي” الرئيس الثالث لشركة ننتندو و الذي حولها إلى شركة عملاقة، إذ لاحظ النمو الكبير في سوق الأقراص الليزرية في أمريكا و حذّر الشركة من أن هذا التعاون سيجعل ننتندو في الموقع الأضعف مع شركة قوية للغاية على الصعيد التكنولوجي.
كين كوتراجي الأب الروحي للبلايستيشن لم يخفِ هذه النوايا إذ قال كما ذكرت الترجمة من mdschock:
أردتُ أن أبدأ تجارةً جديدةً لتُصبح مصدرَ دخلٍ رئيسيٍ لشركة سوني في المُستقبل. مُدراء سوني اعتقدوا أن تأسيس تجارة جديدة من الصفر سيستغرق وقتًا طويلًا، و لذلك كان الضغط من الخارج هو الحل الوحيد لتغيير الأمور، بمقدورنا أن نتعاون مع أفضل شركة في هذا المجال، أن نبيعهم التكنولوجيا الخاصة بنا، أن نبني اسمًا لأنفسنا في الصناعة، و أن ننطلق نحو المستقبل بعد ذلك. هذه كانت مُبرراتي.
ما لا يعرفه الكثيرون بعد ذلك هو القصة المُثيرة بين سوني و سيغا و التي لم تُسلَّط عليها الأضواء بنفس الصورة، ربما لأن سيغا خرجت من سوق ألعاب الفيديو بعد جهاز الدريمكاست و لم تتمكن من الاستمرار في السوق، في منتصف العام 1992 عرض كين كوتراجي نموذجًا للبلايستيشن على رئيس شركة سوني آنذاك “نوريو أوغا” الذي أعطاه الضوء الأخضر للعمل على المشروع، و لكن هذا يطرح السؤال، إن كانت سوني قد قررت بالفعل طرح جهازها الخاص فماذا كان الهدف من احتمالية التعاون مع شركة Sega؟ و التي كانت اللاعب الكبير الآخر في سوق الأجهزة المنزلية آنذاك بعد أن تمكنت من بيع أكثر من 30 مليون وحدة Sega Mega Drive و نافست ننتندو بكل شراسة في السوق الأمريكي.
كان هناك العديد من الاختلافات في وجهات النظر بين سوني و سيغا، سوني رأت أن المُستقبل هو في الأبعاد الثلاثية و أن الجهاز المنزلي يجب أن يُصمم لدعم الأبعاد الثلاثية بالكامل، بينما رأت سيغا التي كانت تحقق نجاحات كبيرة في سوق الآركيد أن الجهاز المنزلي القادم من الضروري أن يدعم الأبعاد الثنائية و الsprites، سوني لم تكن بحاجة إلى سيغا لتصنيع الأجهزة بكل تأكيد، إذ إذ سيغا كانت تعتمد على قطع الهاردوير الجاهزة من الشركات، كما عملت شركة “نامكو” اليابانية بالفعل على أدوات التطوير الخاصة بجهاز البلايستيشن الأول ليبدأ هذا شراكة عمل قوية جدًا بين الطرفين.
مسؤولو سوني و سيغا في الولايات المتحدة الأمريكية أرادوا التعاون معًا من أجل جهاز منزلي و هو الأمر الذي رفضتهُ سيغا اليابانية لكن هذه ليست كل الحكاية، في اليابان كان هناك اجتماعات أخرى منفصلة لم تخرج قصتها إلى النور إلا مع مُقابلة نُشرت 2018 مع “هيداكي ساتو” مدير قسم الأبحاث و التطوير لشركة سيغا آنذاك، مسؤولو سوني و سيغا قاموا بالاجتماع في Shinagawa و كانوا يدرسون التعاون لأن كلاهما كما وصفت التقارير اتفقا على أن شركة ننتندو هي العدو المُشترك لهما… في هذا الاجتماع سأل “ناكاياما” رئيس سيغا السابق نظيره في سوني “نوريو أوغا” إن كان يرغب في التعاون مع سيغا بصورة صريحة و مُباشِرَة، لكن “أوغا” لم يقم بالإجابة و استمر بالمراوغة في النقاش، و عوضًا عن ذلك ذكر معلومة مُدهشة لتغيير دفة النقاش، أن قرص الCD يتسع ل74 دقيقة من الموسيقى لأن “أوغا” أراد من الCD أن يتسع لمقطوعة بيتهوفن التاسعة بالكامل!
كان من الواضح أن التواصل ليس جيدًا، شركة سيغا كانت متخوفة من أن تكون الطرف الأضعف في هذه الشراكة و أن تبتلعها شركة سوني، هذه المخاوف التي ثبت أنها كانت في محلّها… هيداكي ساتو استمرّ بالخروج و تناول العشاء مع كين كوتراجي مرّة كل بضعة أشهر لنقاش العديد من الأمور المختلفة، و في ذات يوم فاجأ كوتراجي زميله من شركة سيغا قائلًا:
هيداكي-تشان، هيداكي-تشان، أنت لا تملك أي فُرصة في هزيمتي.
من أين تقوم بشراء المُعالجات ؟ من هيتاشي، من ياماها، ماذا عن أقراص CD-Rom الخاصة بكم؟ أنتم تشترون كل شيء، عندما تقومون بالشراء من هيتاشي، هيتاشي تأخذ ربحًا لها، أنتم لا تستطيعون صنع أي شيءٍ بمُفردكم، نحن نستطيع ان نصنع كل شيءٍ بأنفسنا، بما يتضمن الرقاقات المُعدّلة. لدينا مصانعنا الخاصة، بالقرب من Nakashinden لديهم مصنعٌ عملاق يصنع المعدات الصوتية للبلايستيشن، إن سلسلة التكاليف مختلفة بالكامل.
هذا هو الواقع هيداكي-تشان، لذلك اترك صناعة الأجهزة، لم لا تكتفون بصناعة الألعاب؟ سنقوم بمعاملتكم معاملةً خاصة.
بالطبع، كان من المستحيل أن تقبل Sega هذا الطلب آنذاك، ربما لو فشل جهاز الميغا درايف لوافقت سيغا على ذلك، لكن سيغا ذاقت طعم النجاح، سيغا حققت نجاحاً كبيرًا في سوق الأجهزة المنزلية في أمريكا، قوة العلامة التجارية لسيغا آنذاك كانت مُذهلة، شعار (Sega) كان يظهر عند تشغيل أي لعبة للميغا درايف، حتى لو كانت لعبة من شركة طرف ثالث، مما ساهم في تعزيز قوة علامة سيغا في أذهان الناس، لم يكن بمقدور الشركة أن تترك كل هذا لتتحول إلى شركة طرف ثالث لسوني، كما أن ساتو يؤكد أن تطوير الساتورن كان قد بدأ بالفعل، كان الأمرُ متأخرًا جدًا…
هذه هي الحكاية الحقيقية لما دار بين سوني و سيغا في التسعينات، سيغا أمريكا أرادت التعاون مع سوني للإطاحة بننتندو و “كالينسكي” رئيس سيغا أمريكا آنذاك رأى أن رفض الإدارة اليابانية لهذا هو جنون، بينما أرادت سوني اليابان أن تجعل سيغا شركة طرف ثالث لأن سيغا لا تملك فرصة لمنافسة سوني في التكاليف و التكنولوجيا فالفرق بين حجم الشركتين هائل، سيغا رفضت ذلك في ظل انتعاشها بنجاح جهاز الميغا درايف أو “الجنسس” و الذي كسر هيمنة ننتندو المُطلقة على السوق الأمريكي، إلا أنها هُزمت هزيمة ساحقة أمام سوني عندما فشل الساتورن في بيع 10 مليون وحدة أمام البلايستيشن الأول الذي تمكن من بيع 100 مليون وحدة.
سوني بقيت بعد ذلك الملك المُتوّج على عرش الأجهزة المنزلية حتى أتت شركة ننتندو و كسرت هذا الاحتكار مع جهاز الوي الذي تخلت فيه الشركة عن المنافسة التقنية بكونها نقطة القوة الكبرى لمنافسها الرئيس و اتجهت للتركيز على أسلوب حياة الناس و الوصول إلى زبائن جدد و حققت نجاحًا كاسحًا بهذا التوجه، أما اليوم فسوق الألعاب مختلف تمامًا عما كان عليه في تلك الأيام و أصبحت كل شركة أكثر تركيزًا على نجاحها و على تجارتها الخاصة، كما بدأت توجهات العمالقة الثلاثة سوني، مايكروسوفت و ننتندو بالاختلاف كثيرًا، أما سيغا فقد تحولت بالفعل إلى طرف ثالث و لم تتمكن من الصمود طويلًا في ظل المنافسة الشرسة و دخول عملاق مثل سوني إلى اللعبة لتتحقق رؤية كين كوتراجي في نهاية المشوار.