لطالما كانت خطواتنا الأولى نحو التجارب الجديدة ملئية بالصعوبات والعثرات إلا أنه وبفضلها فقد وصلنا إلى ما نحن عليه الآن، وسواء كنا فرحين بالنتيجة النهائية أم لا فهذه هي سنة الحياة التي علينا نتقبلها بحلوها ومرها و سنتعرف اليوم على الخطوة الأولى لفريق التطوير المكسيكي Mecha Studios في عالم الألعاب بعنوان Neon City Riders وهي تجربة ميترويدفينيا شبيهة بألعاب زيلدا الكلايسكية (اللعبة لا تخفي ذلك بتاتا إذ هناك العديد من التلميحات لأسطورة زيلدا داخلها) وعلي القول أنني معجبٌ باختيار الفريق الذي يدرك إمكانياته المحدودة إذ لم يسرح بطموحاته بعيدا جدا ليبدأ مشواره بتجارب أكبر من أن يستطيع قضمها، يمكننا القول إذا أنه يستهل خطوته الأولى ببداية حسنة و لكن هل يحافظ على هذا النسق حتى النهاية؟ مراجعة اليوم تجيب عن هذا السؤال.
شوارعها مليئة بالمشردين الذين تجمدت أطرافهم من الصقيع وأزقتها مفعمة برائحة الجريمة التي تُرتكب فيها كل ساعة ومظاهر الخراب بمختلف أشكاله ترتسم بوضوح في معالمها هذه هي Neon city، مدينة لم تذق للسلام أو الهدوء طعما منذ ثورة الرجال الآليين المطالبين بحقوقهم ككائنات حية مناصفة للبشر لتستحيل لاحقا لميدان للصراع بين أربع عصابات يهيمن كلٌّ منهم على جزء منها طمعاً في تحقيق مآربهم الخاصة، مما لا شك فيه أن هذا المدينة هالكة لا محالة و لربما انعدم أيّ أملٍ في خلاصها مما هي عليه، بطل قصتنا Rick يدرك ذلك جيّدا ولكنه يدرك أيضا أنه لا يستطيع الوقوف صامتا في ظل كل ما يحدث لهذا وبمساعدة صديقه العجوز Evergray يقرر هزيمة العصابات الأربع وإعادة الأمان للمدينة المنكوبة من جديد، ولكن المهمة لن تكون سهلة ففي حين استعداد Rick للمضي لرحلته فإن هناك ظلاًّ غامضاً يظهر فجأة مهدّداً ومتوعداً أن المدينة بما فيها ملكٌ له وأنه لن يسمح للفتى المقنّع بالتدخل فيها أبداً فمن يكون هذا الظل وما هي أهدافه؟ وما الرابط الذي يجمعه بالعصابات الأربع التي تسيطر على المدينة؟
كما يمكنكم أن تخمنوا فقصة Neon City Riders ليست عامل الجذب الرئيسي للعبة إلا أنها تؤدي المطلوب منها بشكل كافٍ حيث أنها تقدم طاقما من الشخصيات الرمادية (ليست شريرة أو خيرة بالكامل) التي تمتلك أسبابها الشخصية التي أوصلتها إلى ما هي عليه مما منح اللعبة بُعدا جميلا منعها من أن تدخل في دوامة القصص المبتذلة المضجرة التي تنتهي بالقضاء على رأس الشر الأكبر حسناً… تقريباً، يمكنني أن أؤكد أنكم لن تشعروا بالملل من أحداث القصة لكنها كما ذكرنا أيضا لن تكون إحدى نقاط تفرّد اللعبة أو عامل انجذاب لكم فيها و أرغب بالإشارة أنّ حكايات الشخصيات قد تمّ شرحها بطابع القصص المصورة الغربية الأمر الذي أضفى عليها لمسة إضافية جذّابة .
كما ذكرنا في البداية إن Neon City Riders هي تجربة ميترويدفينيا شبيهة بألعاب زيلدا الكلاسيكية، حيث سيكون عليكم التجول في أرجاء المدينة ومحاربة الأعداء وحل الألغاز وإنجاز المهام في أرجاء المدينة، ميكانيكية نظام اللّعب بسيطة للغاية فجلّ ما يمكنكم القيام به هو الحركة والهجوم فحسب إضافة لأربع قدرات مميزة لكل منها استعماله الخاص وتجنّباً لتسهيل اللعبة منذ البداية وعدم تعقيدها في الوقت ذاته فإنكم ستُمنحون هذه القدرات مبدئيّا وتتعرفون على طرق استخدامها ثم ستجرّدون منها لتعودوا لجمعها من خلال التقدّم في اللعبة وفي حين أن هذا القرار قد يبدو قاسيا بعض الشيء إلا أنّني أراه أكثر من مناسب لتوجه اللعبة إذ أنّ هناك العديد من المناطق التي لا يمكنكم عبورها دون استعمال قدرات معيّنة وعدم معرفة ما يمكنكم فعله حينها لأنكم لم تعرفوا طرق استخدام هذه القدرات يبدو غير عادلٍ إطلاقاً كما أنّ تمكّنكم من تجاوزها منذ المرة الأولى سيقتل تجربة الميترويدفينيا التي تريد اللعبة تقديمها لكم، إضافة أنّني لست ممن يحبذون التجارب التي تمنح اللاعب كلّ ما جعبتها منذ البداية إذ أنّ هذا الأمر يقتل متعة التّقدم والشعور بالإنجاز وهو ما تقدّمه Neon City Riders بشكل رائع بالفعل!
لننتقل إلى الحديث عن أحد الجوانب المفضّلة إلي في اللعبة وهي الألغاز داخلها، هناك تنوع كبيرٌ في الألغاز التي تقدّمها اللّعبة إلاّ أن معظمها سيعتمد على سرعة بديهتك و مهارتك في المقام الأوّل، حلّ الألغاز يقدم متعة كبيرة و يمنحك شعوراً كبيرا بالإنجاز الذي لا يقتصر هنا فحسب إذ أنّ تجنّب العوائق الكثيرة التي تضعها اللعبة في وجهك وقتال الزعماء الحماسي يمنحان الشعور ذاته وهنا عليّ التأكيد على أمرٍ أظنّك قد خمنته سلفاً عزيزي القارئ و هو أن هذه اللعبة ليست سهلة أبداً فهي تقدّم تحدّيا كبيرا جدّا ولكنه عادلٌ في الوقت ذاته فلن يجعلك تقول أن هذا ليس عدلا ولكنه سيدفعك إلى المحاولة من جديد و التّعلم من أخطائك وعدم تكرارها مجدّداً، و يجدر بي القول لأختم الحديث هنا أنّك ستكون بحاجة إلى قدراتك الخاصة كي تتمكن من تجاوز هذه الصعاب أو قد تحتاج إلى مجابهتها كي تتمكّن من الحصول عليها وسيكون عليك في كثير من الأحيان ترك منطقة والعودة إليها في وقت لاحق ولهذا تقدّم لك اللّعبة نظام تلوين المناطق بألوان مختلفة، حيث تملك حرية وصم المناطق التي أنهيتها أو التي ترغب بالعودة إليها لاحقا وعلي ذكر نقطتين هامتين قد أزعجتاني الأولى أن هذا النظام ليس عمليّا بما فيه الكفاية حيث أنك غير قادر على وصم المنطقة ما لم تكن فيها والثانية أنّ هذا الأمر لم يكن يعمل أحيانا سوى في طور المحمول وهو أمر لم يزعجني كثيرا فاللعبة تبدو جميلة حقا فيه وقد قضيت وقتا ليس بالقليل فيها إلا أنّه أمرٌ وجب التنويه عليه.
التّقدم في اللّعبة لن يقتصر على الأمور المذكورة أعلاه فسكان المدينة بحاجة ماسّة إليك في حلّ مشاكلهم التي لاتنتهي وهنا يأتي دور الحديث عن المهام التّي و بالرّغم من بساطتها إلاّ أنها مترابطة فيما بينها بشكل جميل ناهيك عن أنها لا تقوم بمنحك تسهيلات أكثر من اللّازم لإنجازها حيث قد يطلب منك شخص في مركز المدينة أن تحضر له غرضا ما ولكن بدلا من أن تُمنح النقطة التي عليك الذهاب إليها بالتّحديد فستجد أنّ الغرض المطلوب سيصبغ بلون المنطقة التي ستجده فيها ولشرح الأمر تبسيطياً فكل منطقة من مناطق العصابات الأربع في اللعبة تمتلك لونا خاصة بها إضافة إلى مركز المدينة، إنجاز هذه المهام ضروريٌّ كي تتمكّن من مواصلة التّقدّم في حين أنّ بعضها الآخر سيمنحك الفرصة للحصول على بعض المحتوياتٍ الإضافية كالأزياء أو قدرات جانبية أخرى وأخيراً إلى نهايات جديدة حيث تقدّم اللّعبة معها أربع نهايات تمكنت من الحصول على أفضل نهايتين من بينهم وهو الأمر الذي تطلّب مني إنجاز جميع المهام بشكل كامل.
يمكنك الحصول على الأموال داخل اللعبة عن طريق هزيمة الأعداء وقطع الأعشاب (آاااه Link! أهذا أنت؟) وهناك استعمالان رئيسيّان للنّقود داخل اللعبة الأول هو لشراء الأطعمة والأشربة التي تسترجع نقاط حياتك والثاني للمساعدات ففي حال لم تعد قادراً على تحديد وجهتك التالية فإن اللّعبة توفر لك خيار دفع خمسين عملة للحصول على تلميح إلى المكان الذي عليك التوجه إليه تاليا وهو مبلغ معتدل لن يسمح لك باستعماله دائما كلما تكاسلت في استكشاف المدينة ولن يكون عصياٌ عليك الإتيان به حين تجد نفسك بلا وجهة تقصدها، و لكن علي التنويه أنني واجهت مشكلة في هذه الجزئية تحديداً فعندما قمت بشراء عددٍ من المساعدات لم أتمكن من فتح الخريطة مما منعني من استعمال خاصية التنقل السريع في المدينة لحسن الحظ فهذه المشكلة قد زالت تماما بعد فترة من الزمن أثناء مواصلتي للعب.
لربما علينا التوقف قليلا قبل إنهاء رحلتنا لنلقي نظرة على أجواء Neon City Riders، الألحان الكلاسيكية التي تتناسق و أجواء المدينة الكئيبة و الرسوم البكسلية الجميلة التي تخدم الطابع العام للعبة تجعل منها تجربة فريدة بحق، بالطّبع فاللّعبة ليست مثالية بالكامل فهي لا تخلو من الأخطاء التي قد تواجهونها هنا وهناك ولكن دعونا لا ننسى أن هذه هي أول ألعاب الفريق ولا يمكننا أن نطالبه بالكثير كذلك، لا أرغب أن أبدو بمظهر من يقوم بالتبرير أو التغطية على Mecha Studios الذي أسرد أوّل تجاربي معه ولم أسمع به قبل تجربتي للعبته الأولى إلا أنّني معجب حقّا بما قدّمه في أول خطواته في عالم الألعاب ولا يسعني سوى القول أنني سعيدٌ بانضمامه إليه كما أتطلّع شوقاً إلى ما سيقدّمه في المستقبل.
تمّت مراجعة اللعبة بنسخة النينتندو السويتش التي حصلنا عليها من النّاشر.