الجزء الأول من لعبة هورايزن مثل تحديا كبيرا لأستوديو جوريلا، فقط أخذهم من عالم ألعاب التصويب الى عالم ألعاب الأكشن و الغامرات و العالم المفتوح، و هو تحدي يصعب على الكثيرين، لكن كما ظهر لنا فهو لم يصعب على جوريلا الأستوديو العملاق. في ذلك الوقت كنت أؤمن بشكل كبير أن الجزء الثاني من هذه السلسلة سيكون نقلة كبيرة في كل شيء، فمن بنى تلك الأساسات المتينة يستطيع تقديم لعبة رائعة أخرى بمعنى الكلمة. الآن النتيجة تظهر أمامنا و دعوني أخبركم عن تجربتي الكاملة مع الجزء الثاني من خلال هذه السطور الشيقة.
هورايزن تكمل أحداث جزئها الأول، و تنتقل أحداثها الى الغرب المحظور، منطقة جديدة بالعالم تضطر البطلة إيلوي للإنتقال لها كي تنقذ العالم من شر كبير. للأسف شخصية إيلوي لا زالت تلك الفتاة ذات الملامح السطحية و التي بعض الأحيان تبدو كشخصية جانبية لا تظهر أي مشاعر على وجهها في اللحظات المطلوبة. لكن على عكس إيلوي فالشخصيات الجانبية الأخرى في اللعبة قوية و سيكون لها دور كبير في إدخالك إلى أجواء القصة، التي يمكنني القول أنها أفضل من الجزء الأول، لكنها بطيئة الأحداث و هذا قد لا يروق للكثيرين.
اللعبة تحتفظ بأفكارها الرئيسية و تطعمها ببعض الأفكار الجديدة لتقديم تجربة مطورة. لا زال قتال الوحوش الآلية هو المحور الرئيسي لنظام اللعب، حيث عليك ضرب نقاط ضعفهم للقضاء عليهم و استخدام العناصر المناسبة ضدهم من ماء و نار و غيرها. هناك ترسانة متنوعة من الأسلحة، من الأسهم الى القنابل والفخاخ. أيضا تم تقديم قدرات خاصة للأسلحة، مثل إمكانية إطلاق ثلاث أسهم دفعة واحدة أو إطلاق سهم مركز من مكان بعيد. هناك أيضا قدرات خاصة يمكن تفعيل أحدها في كل مرة، و تعطيك دفعة إضافية في قدرات معينة، مثل أن تكون ضرباتك بالأسهم أقوى 50% لفترة معينة. قتال الأعداء فعلا ممتع و يمكنك التعامل معهم بطرق متعددة، و مع كثرة الأعداء و اشتداد سرعة القتال تصبج المتعة مضاعفة. كم تمنيت فقط لو الكاميرا تعاملت بشكل أفضل مع الموقف، خصوصا أثناء القتال في زوايا ضيقة و انقضاض الأعداء عليك، ستصبح في حيرة من أمرك.
اللعبة تعشق فكرة التجميع و التركيب، حيث عليك جمع الموارد المختلفة، بعضها ستحصل عليها من الوحوش و النادر منها، لتصنع منهم أسلحة و ذخيرة و ترقيات لمختلف الأدوات. للأسف هذا الأمر سيكون مزعجا في بعض المناسبات، مثل أن تضطر لوقف القتال السريع لمجرد أن تصنع المزيد من الأسهم عندما تنفذ. لكن ما أعجبني حقا هو أن البحث عن الموارد ليس عشوائيا، حيث يمكنك أن تحول البحث الى مهمة و من ثم سيتم اخبارك أين على الخريطة ستجد الموارد الناقصة لترقية سلاحك مثلا. بالنسبة لي أصبح أمر التجميع مزعجا لاجقا، حيث أن تطوير سلاح واحد فقط لأعلى مستوى قد يستغرق منك ساعة أو أكثر من البحث و القتال، و أحيانا تجده غير مجدي خصوصا أنك ستغير السلاح بالكامل قريبا. إضافة أخرى سيرحب بها اللاعبون هو أن الموارد الإضافية التي لا يمكنك حملها ستحفظ في صندوق لك كي تصل إليها لاحقا من أماكن متعددة.
اللعبة تقدم بعض أفكار التحكم الجديدة خصوصا في طور المغامرة. مثلا هناك الخطاف الذي يستخدم بشكل رئيسي في سحب الأشياء و فتح بعض الممرات مثلا. و هناك أداة الإنزلاق الجوي بطريقة مشابهة لما رأيناه في لعبة زيلدا. حتى تسلق الجبال هنا يتواجد بشكل كبير، لكنه مزعج في حقيقة الأمر، فعليك أن تقوم بالمسح الضوئي بشكل مستمر حتى يظهر لك الأماكن التي يسمح لك فريق التطوير بتسلقها من الجبال، أما الباقي فلا يمكن تسلقه. أخيرا هناك الغوص تحت الماء، و هو من جماليات اللعبة المظهرية، أما من ناحية لعب فهو فقط للاستكشاف و جمع بعض المقتنيات.
فرق سوني للتطوير لا يخفى على المتابع التعاون الكبير فيما بينها بالأفكار. هذه اللعبة تقدم محتوى ضخم جداـ أتحدث عن ما يقارب 25-30 ساعة ربما للقصة الرئيسية فقط دون أي مغامرات جانبية إطلاقا، هذا المحتوى لا يحتوي الجديد بقدر ما يحتوي الكثير من الأفكار من ألعاب سوني الأخرى. فكما رأينا أسلوب المسح الضوئي من ديث ستراندنج، و أسلوب التسلق من أنشارد. إن لم ترد القتال فهناك العديد من الألغاز، مثل مناطق الأنقاض الأثرية، حيث تحل لغز بسيط للحصول على مكافأة معينة. هناك أيضا الأبراج التي بدأتها سلسلة أساسن كريد و تعود هنا من جديد، لكنها قليلة و ممتعة، حيث أن كل برج سيكون له فكرة مختلفة في تفعيله. في الواقع قائمة المهام منوعة جدا و منظمة بشكل كبير، و سيجد اللاعبون ساعات طويلة من اللعب والاستكشاف في اللعبة.
من ناحية التقديم و المظهر و القيمة الإنتاجية سيتم إبهاركم حقا، إنها أحد أجمل الألعاب في تاريخ صناعة الألعاب، هناك اهتمام كبير في تصميم كل شيء يظهر في اللعبة، حتى الشخصيات و أزيائها و القرى الأثرية و بيئات اللعبة، و كل هذا يكمله موسيقى خلابة متناسقة مع التوجه الفني للعبة، حتى التمثيل الصوتي كان متقن بشكل كبير، لا أستطيع أن أثني على اللعبة بشكل بشكل كاف. لكن للأسف كما يقول المثل “الحلو لا يكمل”، فاللعبة على أسلوب سايبربنك تعاني من لعنة جيل كوفيد كما يبدو، فهناك الكثير من الأخطاء التقنية. نتحدث عن عناصر تختفي من الشاشة بشكل مفاجيء، و طلاء أسود فجأة يظهر على وجوه الشخصيات، أو ضوء أزرق أو أخضر يحيط بالشاشة بدون سبب، أو توقف الشخصية وهي تؤدي حركيات معينة، و للأسف بعض الأخطاء التي اضطرتني لإعادة تشغيل مهمة مرة أو مرتين خلال اللعب.
بعض المعلومات المهمة بخصوص تجربتنا، اخترنا خيار الجرافيكس الذي يعطي الأولوية لمعدل إطارات أعلى و رأيناه مناسب أكثر لنوع اللعبة. تجربتنا كانت بالكامل على جهاز PS5 لذلك لا نستطيع التعليق على أداء نسخة PS4 بشكل عام. أخيرا اللعبة قدمت ترجمة عربية نصية كاملة للقوائم والنصوص مع خط واضح ومفردات سلسة بالاضافة الى تمثيل صوتي مميز وعلى مستوى عالي من الجودة.
بشكل عام هورايزن لعبة عالم مفتوح، و كما هو متوقع لن تكون دون مشاكلها. لكن اللعبة تفوقت على الجزء الأول في كل شيء تقريبا. عالمها الضخم مليء بما يمكن فعله من مهام منوعة و مهمات جانبية مصممة بطريقة فريدة و كأنها قصص مصغرة. اللعبة تجمع ما بين المغامرة و الألغاز و القتال بمزيج رائع مغلف برسوميات يسيل لها اللعاب، إنها بالتأكيد أفضل مشاريع جوريلا الى اليوم و تستحق التجربة من جميع عشاق هذا التصنيف المحبوب.
تمت مراجعة هذه اللعبة على جهاز PS5 عبر نسخة مراجعة تم تقديمها لنا من قبل بلايستيشن.