منذ الإعلان عن لعبة Avatar: Frontiers of Pandora و Star Wars Outlaws من استوديو Massive Entertainment ونحن نترقب ما سيقدمه هذا الاستوديو بحذر شديد حيث يشترك اللعبتان في كونهما عنوانان مرخصان لسلاسل أفلام محبوبة، ويبدو أن يوبي سوفت قد اختارت استوديو Massive لكي يتولى مهمة ترجمة هذه العناوين ذات الشأن الكبير عند جماهير الأفلام، لألعاب ناجحة، والمثير في الأمر، أن الاستوديو لم يمتلك في سجله عناوينًا كبيرة سوى The Division 2، وهو عنوان لعب جماعي خدمي، لذا كان الاستنتاج الطبيعي أننا إما أمام كارثة قادمة، أو استوديو قررت يوبي سوفت إعطاؤه فرصة ضخمة لإثبات نفسه لأن به مواهب تستحق ذلك. اليوم في مراجعة اللعبة نعرف أي السيناريوهين نواجه هنا.

يشارك استوديو Massive بالشراكة مع استوديو المخرج الكبير “جيمس كاميرون” مخرج أفلام آفاتار، بحيث يلعب الاستوديو (Lightstorm) دور الإشراف ومراقبة الجودة، وهو أمر مهم في الألعاب المقتبسة عن أفلام حتى تتجنب السقوط في فخ استغلال الاسم الذي سقطت فيه ألعاب كثيرة من قبلها.ولمن لا يعرف، فإن يوبي سوفت كانت قد عمل على عنوان للسلسلة نفسها صدر في عام 2009 بالتزامن مع صدور الجزء الأول من الأفلام. لا أتذكر كيف كان استقباله من النقاد ولكني شخصيًا أعجبت به كونه قدم تجربة قريبة من الفيلم في وقتها، والجزء الثاني يفعل ذلك بشكل كبير، ولكن ماذا تقدم التجربة بالضبط؟

ماذا تحاول Avatar: Frontiers of Pandora أن تقدم…هل هي Far Cry بشخصيات زرقاء؟!

فيلم آفاتار بجزئيه، هو واحد من تلك الأفلام التي بمجرد أن تتعرف على عالمه، تشعر وأنك تريد لعبة مقتبسة من ذلك العام، ولعبة Avatar: Frontiers of Pandora تفهم ذلك وتقدم كل ما يشبه روح المستكشف، وبعكس معظم الألعاب البطل هنا ليست الشخصية التي تقوم بتصميمها واللعب بها وإنما عالم اللعبة. باندورا هو واحد من أجمل البيئات التي عايشتها في 2023، وأقول هذا وأنا قد جربت ألعاب مثل Hogwarts Legacy و Cyberpunk 2077:Phantom Liberty و Marvel’s Spider-Man 2 ولكن باندورا هي بيئة لها هوية خاصة تختلف عن أي شيء كونها عالم يعيش سكانه في علاقة تبادلية معه. يعطيهم هو من خيراته، ويعتنون هم به، وهو عالم شديد الجمال أيضًا وهو ما ساعد على تقديم تجربة بصرية عظيمة.

أما عن أسلوب اللعب، فبشكل عام Avatar: Frontiers of Pandora ليست مثل Far Cry في معظم جوانبها، وهو ما يجعلها ترقية ملحوظة عن تلك التي رأيناها في Far Cry 6 مثلًا لعدة أسباب، نعم كلاهما لعبتان تصويب من منظور الشخص الأول، ويمتلكان تحصينات للأعداء عليك اقتحامها، لكن هذه هي كل التشابهات التي أجدها، وكل شيء آخر مختلف.

تركز Avatar: Frontiers of Pandora على الاستكشاف بشكل مكثف، قد يزعج اللاعبين الذين يفضلون أن ترشدهم اللعبة دومًا إلى مهمتهم التالية، ولكن شخصيًا استمتعت كثيرًا بهذا النظام. الاستكشاف هنا به خيارين، مُرشد أو استكشاف والنظام الثاني هو الأساسي في اللعبة حيث تعطيك كل مهمة وصف للمكان الذي تبحث عنه، وبدون أي إشارة للمكان الذي يتحتم عليك التوجه إليه، ولا خريطة مصغرة في أسفل الشاشة، لذا عليك الاعتماد التام على عينيك وحواسك وهو ما ذكرني بعض الشيء بلعبة Zelda: Breath of The Wild وكيفية تاثيرها على كل ألعاب العالم المفتوح التي جاءت من بعدها. Avatar تستفيد من ذلك في جعلك تعايش العالم وتستكشفه شبرًا شبرًا على الرغم من حجمه الشاسع، ووسعه الكبير.

جمع الموارد أيضًا عنصر مهم ولكنه ليس شيء هين هنا، فكل نبتة لها طريقة محددة لقطافها، وستحتاج إلى الاعتماد على شعورك وتقنية Haptic Feedback (إذا كنت تلعب على PS5) لقطفها بشكل صحيح. قطف النبتة بشكل غير صحيح يفسدها عليك ويجعلك غير قادر على الاستفادة منها.الاستكشاف بهذه الطريقة، بجانب جمع الموارد بطريقة مميزة جعلاني أقع في حب العالم وأقضي فيه وقت طويل محاولًا اكتشاف الطريقة المثلى للاستفادة منه لتقوية شخصيتي، لأن المعارك هنا صعبة حتى على أقل الصعوبات والأعداء بطبيعة الحال أقوى لتجهزهم بعتاد متطور وبدلات آلية شبه خارقة يصعب قتالها بالقوس والسهم!

وفي الوقت الذي كنت قد بدأت فيه بالإرهاق من التجول سيرًا على الأقدام في كل هذه الخريطة الشاسعة قدمت لي اللعبة مهمة أمتطي فيها طائر الـIkron وأطير به بشكل سلس وممتع، ولكن حتى هذا الطائر ليس مجرد وسيلة تنقل، فبحكم اهتمام النافي بالبيئة ومخلوقاتها بشكل فائق، هناك رابط بينك وبين ذلك الكائن يمكنك تنميته متمثل في شجرة المهارات التي تمتلك قسم كامل خاص بطائر الـIkron، بجانب إمكانية إطعامه لشحن طاقته. شعرت أنه حيواني الأليف بالفعل وصديق لي في رحلتي الطويلة مع اللعبة.

أما القتال فقد كان ممتعًا، والأعداء تمتعوا بذكاء اصطناعي قوي خلال التجربة، إذ أنني لم أتمكن قط من التلاعب بهم مثلما تمكنت من التلاعب بالاعداء في Assassin’s Creed Mirage و Far Cry 6، لأنهم هنا ينبهون بعضهم ويسمعون أدق الأصوات التي تحدثها، ويستطيعون كشفك سريعًا بمجرد لمحك تتحرك في العراء دون ساتر. هذه الأشياء لطالما أزعجتني في ألعاب يوبي سوفت الأخرى، ولا يسعني سوى الشعور أن تصحيحها كان خطوة في الاتجاه الصحيح بالرغم من رفعها لمستوى الصعوبة بشكل كبير. اللعبة تتيح لك مجموعة من الأسلحة النارية و3 أنواع أقواس، بجانب نبلة قنابل مميزة لنصب الأفخاخ، وقنابل صوتية وذخيرة متنوعة لكل قوس وسهم بين ذخيرة حارقة، وأخرى متفجرة وتستطيع جمع الموارد لتصنيع الذخيرة بنفسك وهو أمر إيجابي أيضًا يشجع على الاستكشاف.

الأسلحة والأدوات التي تضعها اللعبة بين يديك قوية واستخدامها بالشكل الصحيح بما يتناسب مع كل عدو أعطاني شعورًا بالرضى والقوة معًا، ولكن أزعجني عدم وجود أي آليات لعب تشجع على التسلل سوى القوس والسهر، وكونهما سلاحًا صامتًا في معظم الأحيان. وأقول معظم الأحيان لأن عند تصويب سهم لعدو وقتله قد يلاحظ عدو آخر بجانبه وينبه زملاؤه ويصبح تجمع الأعداء ذلك في حالة تنبه كاملة لوجودك والبحث عنك. لا يوجد إمكانية للإنبطاح(Prone) مثلًا، وهو ما يجعلك معرضًا للإنكشاف في أي لحظة نتيجة لحجم شخصيات النافي الكبيرة مقارنةً بالبشر، وهناك أيضًا غياب لإمكانية استغلال الطبيعة للتخفي على الرغم من امتلاء البيئة بالنباتات والحشائش التي يمكن الاختباء بينها ولو بشكل جزئي.

شجرة المهارات لم تكن على قدر الحدث للأسف، معظم المهارات لم تكن سوى ترقية لما تمتلكه أنت بالفعل مثل تكبير شريط الحياة، وتقليل الضرر الذي تتلقاه، و تحسين مدى استعادتك لشريط الطاقة وأشياء من هذا القبيل. أعتبرف بأن هذا الجانب بالذات أحبطني لأني كنت أحب طريقة تقديم شجرة المهارات في ألعاب يوبي سوفت وطريقة جعلها أداة لأشعر بأنني أتقدم في اللعبة بحق وان شخصيتي تتعلم حركات وأساليب جديدة.

قصة اللعبة: قصة أصلية مرتبطة بالأفلام ولكن…

شعب النافي هو شعر مُسالم وودود، يعيش على كوكب باندورا ذو الطبيعة الأخاذة، ولكن يتغير كل هذا عندما تظهر منظمة RDA في عام 2145 وهي واحدة من الشركات الجشعة ذات النفوذ التي تسيطر على كوكب الأرض، معلنةً رغبتها في السيطرة على الكوكب وسرقة موارده، وهو ما يضع شعب النافي في مواجهة مباشرة معهم (مع البشر). هذه القصة هي قصة الأفلام واللعبة أيضًا، وقصة اللعبة بحسب تصريح المطورين تعتبر قصة معترف بها وسط العالم الذي بناه جيمس كاميرون بعناية، ويأتي دورك فيها بشخصية من إنشاءك، مُختطفة من الـRDA حيث تتربى لتكون أحد جنود المنظمة، وتتلقى تعليمًا بمناهج مزيفة تزيف التاريخ إلى أن تشتعل الحرب بين النافي والـRDA، لتجبرك على الهروب من أسر الأخيرة، والانضمام إلى النافي في حربهم، ولكن هناك مشكلة بسيطة. النافي شعب متفرق يحتاج لمن يوحده، وهنا يأتي دورك في التعرف على كل قبيلة من القبائل الثلاثة، في محاولة لتوحيدهم ضد الـRDA.

قصة اللعبة تشبه سطحية ومتوقعة، الغرض منها كان استعراض العالم وجماله، ووضع كل قبيلة من القبائل الثلاثة في بيئة مختلفة حتى يتسنى لك الشعور بالتردج في التنوع الجغرافي، ولكن فيما عدا ذلك لم أشعر أنني مهتم كثيرًا للقصة وشخصياتها، وعلى الرغم من أن الشخصية التي ستلعب بها شخصية متكلمة إلا أن الحوارات تفتقر لأي نوع من أنواع العمق والنضج، على الرغم من امتلاك القصة نفسها بعض الأفكار المثيرة، مثل فوضوية البشر وهمجيتهم، وموقف شعب النافي من البيئة وحبهم لكوكبهم والقهر الذي يتعرضون له،ولكن كل هذه الأفكار لم تنضج ولم يتم استغلالها حتى النهاية كانت متوقعة والشرير الرئيسي من أكثر الأشرار سطحيةً في الألعاب، إذ ظهر في بداية ونهاية اللعبة، ولم يشكل خطرًا على الأبطال أو تهديد من أي نوع، لذا لم أشعر بوجوده.

أما قصة القبائل وحياتهم اليومية هو ما تم بذل مجهود كبير فيه، وأشعر أن كل المشاكل التي تحدثت عنها بالأعلى هي في الأساس مشاكل موروثة من سلسلة افلام Avatar الذي كان بطلها أيضًا هو عالمها، وليس شخصياته وقبائله، وهنا نفس الشيء يتكرر من جديد إلا أن الفيلم يمتد لعدد ساعات أقل بكثير من الألعاب، لذا من المهم أن تحمل قصص الألعاب بعض المعنى أو الأهمية لكي أستطيع قضاء وقت طويل معها. في Avatar: Frontiers of Pandora استمتعت ببناء العالم واستعراض القبائل فيه وعاداتهم وكيف يعيشون ويتعاملون مع بعضهم من خلال المهمات الأساسية والجانبية، ولكن قرب نهاية رحلتي مع القصة كنت اشعر أن اللعبة احتاجت مزيد من العمل في هذا الجانب.

تقنيًا: يوبي سوفت وصلت للجيل الجديد، والمستقبل مُبشر

على الصعيد التقني، لعبة Avatar: Frontiers Of Pandora قدمت كوكب باندورا كما يحلم به كل محب لأفلام آفاتار، نابض بالحياة ومُشبع بالجمال في كل شبر فيه من حياة برية فريدة وطبيعة خلابة أخاذة للعين بمستوى كثيف من التفاصيل الجميلة. كل نبات له صوت وطريقة تفاعل خاصة معه تجعله ذو شخصية متفردة في بيئة اللعبة.كما أن التنقل في هذه البيئة الشاسعة سواء جوًا عن طريق الإيكرون، أو برًا عن طريق مخلوق Dire Horse- تسمية الترجمة الحصان الفظيع لسبب – حيث يتحرك كلا المخلوقان بسرعة كبيرة في الوقت الحقيقي دون تسبيب مشاكل في تحميل البيئات.

تمتلك اللعبة على PS5 (جهاز تجربة اللعبة) طورين تقنين، الأداء والدقة، لعبت معظم تجربتي على طور الدقة وشعرت بأن اللعبة سلسة بشكل كبير فيما عدا بعض لحظات المعارك التي كثرت في الانفجارات والمؤثرات البصرية، ولكن في لحظات مثل الطيران بسرعات كبيرة في الأجواء لم تصادفني مشاكل تقنية.

أما طور الأداء فقد جلب معه تحسن واضح في معدل الإطار، ولم يكن الفارق ضخمًا في الدقة، لذا أنصحكم جميعًا بتجربة اللعبة على الأداء. أتذكر أن الفارق كان ضخمًا في معدل الإطارات في لعبة Assassin’s Creed Mirage، لذا فإن تقديم طوري الأداء بلا مشاكل في أيهما في لعبة متطلبة مثل آفاتار هو شيء يستحق قطعًا الثناء.استغلت اللعبة تقنيات Dualsense بشكل مثالي من خلال تقديم بعض الألغاز التي تعتمد عليه بشكل كامل، بجانب قطف الثمار وجمع الموارد، وإطلاق السهام حيث يعطيك كل سلاح شعورًا مختلفًا في قبضتك وكأنك تمسك به فعلًا، بجانب التأثير الصوتي الرائع والمتنوع. التجربة السمعية في اللعبة لا تقل جمالًا وتفصيلًا عن التجربة البصرية حيث تمتلك كل النباتات أصوات مختلفة، ويمكنك الاعتماد على الأصوات في أحيان كثيرة للصيد أو تتبع الأعداء، خصوصًا لو كنت تسعمل سماعات عالية الجودة.

هناك أيضًا نظام مناخ ديناميكي يتغير بشكل مستمر قُدم من خلاله المطر بشكل واقعي ومؤثر على البيئات، كما أن البيئات التي يتواجد فيها البشر (أو RDA) تكون بيئات متدهورة في حالة يرثى لها، والبيئات التي يعيش فيها النافي تكون بيئات مزدهرة ومُنبتة بكثافة.

أزعجني وجود فصلات بشاشات سوداء بين المقاطع السينمائية والتفاعل مع الشخصيات، وبين الانتقاب للعالم المفتوح وهو أمر نادر رؤيته في الوقت الحالي ،لكن فيما عدا ذلك لا أمتلك أي تعليق سلبي على اللعبة في الجانب التقني.

الترجمة العربية ومشاكلها التي لا تنتهي

لعبة Avatar:Frontiers of Panodra لعبة مترجمة باللغة العربية بشكل كامل، على غرار معظم ألعاب يوبي سوفت الأخيرة، ولكن هذه المرة الترجمة عانت من مشاكل واضحة في التنسيق حيث ظهرت الأحرف غير متشابكة في الترجمة العربية، وهو ما أفسد الترجمة وجعلها غير قابلة للقراءة. وهناك أيضًا بعض المصطلحات التي تم ترجمتها بشكل غريب، مثل الحصان الفظيع (Dire Horse) وهي ترجمة حرفية لا تقدم نفس المعنى.

كلمة أخيرة:

في مجمل التجربة، يمكنني القول بأن كفة الإيجابيات تغلب كفة السلبيات، فقد نجح استوديو Massive في تقديم عالم أخآذ وجميل يجذبك لقضاء وقت طويل بداخله واكتشاف طبيعته الفريدة على وسعه الممتد، وأسلوب معارك ممتع بأدوات متنوعة ومستوى ذكاء اصطناعي يقدم تحدي حقيقي لأول مرة منذ زمن بعيد في ألعاب يوبي سوفت، ولأول مرة أيضًا نرى لعبة بهذا المستوى التقني الرائد من يوبي سوفت منذ فترة طويلة. لعبة Avatar: Frontiers of Pandora لعبة يجب على كل من يحب أفلام آفاتار أن يلعبها، وهي أيضًا مناسبة لكل من يحب العوالم الافتراضية الفريدة، فالبطل هنا هو العام وليست الشخصيات، لذا لا تبحث عن قصة وأحداث جذابين.

شارك هذا المقال
Avatar: Frontiers of Pandora
مستوى تقني مبهر-أسلوب تنقل سلس وممتع-القتال والأسلحة والمهارات-تركيز ممتاز على الاستكشاف وجمع الموارد-استغلال مميز لتقنية Haptic Feedback
قصة متواضعة-تصميم المهمات مكرر-مهمات جانبية ضعيفة-شجرة مهارات فقيرة-مشاكل في تنسيق الترجمة
لعبة ممتعة وعالم أخاذ وتحسين على كل ما قدمته يوبي سوفت في السنوات الأخيرة فيما عدا جانب القصة التي كانت متوقعة وسطحية
تاريخ النشر: ديسمبر 2023
طورت بواسطة: Massive Entertainment
الناشر: Ubisoft