هل تسمعون ذلك الأنين؟ هل تسمعون ذلك النحيب؟ إنها آلام الكوكب الذي تقوم شركة شينرا بامتصاص طاقة الحياة منه وتحويلها إلى الماكو، غير آبهة بالخطر الجسيم الذي يلوح في الأفق، ما بين شينرا و سيفروث قُرِعَ ناقوس الخطر و دُقت طبول الملاحم وحانت لحظة الحقيقة. هلموا معنا وانضموا إلى المقاتل الفذ كلاود سترايف وصديقة طفولته تيفا، وآخر القدماء الذين بقوا على قيد الحياة ايرث و بقية الرفاق، في رحلة حول أرجاء هذا العالم الفسيح والممتد على مرمى البصر، هلموا معنا في رحلة العجائب والغرائب التي نتقفّى فيها أثر سيفروث من قارة إلى قارة ومن مدينة إلى أخرى لإيقافه قبل أن يفوت الأوان، هلموا معنا لنخض مغامرة القلوب والعقول، Rebirth اسمٌ على مسمى فهنيئًا لجمهور السلسلة بهذه اللعبة وهنيئًا لسكوير إينكس على إعادة الخيال الأخير إلى طريق العظمة من جديد.
في الحقيقة لم أكن راضيًا تمامًا عن الريميك السابق الذي دارت أحداثه في مدينة Midgar ذات الأطباق الشاهقة في السماء، فقد كان مقيدًا جدًا وخطيًا للغاية على غرار أجزاء سابقة في السلسلة مثل المتواضعة فاينل فانتسي 13، ويُمكن القول أن Midgar كانت خطية ومقيدة في اللعبة الأصلية أيضًا، إلا أنها لم تكن لعبة كاملة آنذاك على الأقل بل كانت مجرد مقدمة للعبة عظيمة. هناك مآخذ لي على التوجه الفني وطريقة السرد القصصي أيضًا، والذي لم يكن تمامًا بمستوى الخيال والحلم الأخير وإنما اكتسى بطابع سينمائي يشوبه الملل ولا يحمل ذات السحر الذي اعتدنا عليه من هذه السلسلة. أساسات اللعب، على أية حال، كانت صلبة لا سيما نظام القتال الذي نجح في الحفاظ على إرث سلسلة فاينل فانتسي بوجود أفراد الفريق (Party) واللعب الاستراتيجي الذي جرى تحديثه وبات ممزوجًا بعناصر الحركة.
إن Final Fantasy VII Rebirth هي نقلة كبيرة في كل شيء عن الجزء السابق وهي نقلة فاجأتنا للغاية، وأثلجت صدورنا ورسمت ابتسامة عريضة على شفاهنا فهي أخيرًا تخرج من عباءة الخطية القاتلة للسلسلة وتعود لتقدم تلك المغامرة الحالمة المنتشية بإحساس الرحلة في عالمٍ لا يشبه كل تلك العوالم التي غامرنا فيها من قبل، وقد جعلتنا نتساءل: لماذا لم تصنعي هذه اللعبة منذ سنوات يا سكوير إينكس؟ لماذا انتظرتم إلى 2024 لإصدار هذه المغامرة الضخمة؟ نعم عليكم أعزائي القراء أن تتوقعوا الكثير من المديح في هذه المراجعة وعلى جمهور السلسلة القديم الذي عاصرها في جيلها الذهبي على جهازي البلايستيشن الأول والثاني أن يُهيء نفسه جيدًا لعودة هذا الاسم الكبير في صناعة الألعاب بالشكل الذي يجب أن يكون عليه: لعبة متكاملة في عناصر المغامرة والأجواء وتنوع طريقة اللعب والإخراج البصري المبهر و الخيال الأخاذ الذي يُلهب العقول ويسحر القلوب والمعارك الطاحنة مع الأعداء من بشر و حوش وقوى لا تخطر على بال.
دائمًا كان إخراج لعبة فاينل فانتسي جديدة يمثل مهمة في غاية الصعوبة على صاحبها ومسؤولية ضخمة، الألعاب التي شهدت رؤية إبداعية من مصمم واحد للسلسلة في السنوات الأخيرة عانت بشدة من جوانب ضعف متعددة، وهذا ينطبق على إصدارات مثل فاينل فانتسي 13 أو فاينل فانتسي 15، إلا أن ألعاب السلسلة التي تضم مجموعة من المصممين المتمكنين بدور إبداعي رئيسي في تصميم اللعبة، والذين يقوم كل منهم بالتغطية على نقاط ضعف الآخر، تقدم نتائج أفضل. فاينل فانتسي 7 ريبرث هي واحدة من هذه الألعاب التي جمعت عددًا كبيرًا من القادة وهم تتسويا نومورا بدور المخرج الإبداعي، وكل من ناوكي هاماغوتشي و موتومو تورياما بدور مخرج اللعبة. نذكر أيضًا أسماء بارزة مثل الملحن ماساشي هاماتزو و الكاتب المخضرم كازوشيجي نوجيما.
Final Fantasy VII Rebirth هي لعبة عملاقة في السرد القصصي والخيال النهائي يعود ليسكن القلوب
حسنًا دعونا نبدأ في تحليل اللعبة للوقوف على مستواها الحقيقي والبداية مع القصة والسرد القصصي الذي توليه السلسلة وكذلك جمهورها اهتمامًا خاصًا. سلسلة فاينل فانتسي في التسعينات كانت واحدة من السلاسل التي يُشار لها بالبنان في جودة القصص وروعة الحبكة والمخيلة الجامحة التي تقدمها من عوالم وشخصيات ومشاهد سينمائية بديعة، ولكن لا يُمكن إنكار أن السلسلة شهدت تراجعًا مع مرور الوقت في مستوى السرد القصصي رغم تطور مستوى الرسوم وجودة العروض السينمائية فكيف كان مستوى السرد القصصي في Rebirth؟
دعونا نتفق في بادىء الأمر على أن أسلوب السرد المتبع في السلسلة لا يحظى بإجماع وإعجاب من جميع اللاعبين، من لا يحب أسلوب السرد الخاص بالسلسلة والذي يعتمد على تصوير تعابير الشخصيات بكثرة (expressions) وتضخيمها للفت الانتباه وتصنع الظرافة أحيانًا، لن يغير رأيه في Rebirth فما زالت تتبع هذا الأسلوب. حسنًا دعونا نضع ذلك جانبًا، في منظورنا يتفوق السرد القصصي في اللعبة على الجزء السابق فهو يقدم مجموعة ضخمة من العروض السينمائية ذات القيمة الإنتاجية الفاخرة والمخيلة العالية وهي تجسد أحاسيس ومشاعر الشخصيات بطريقة تلمس القلب، نعم تعود لمسات الدراما الإنسانية والحلم والخيال التي لطالما أحبها الجمهور في سلسلة فاينل فانتسي من جديد. الجزء السابع بذاته يقدم نوعًا فريدًا من الفانتازيا يقوم على فكرة النهضة الصناعية وكيف غيرت حياة الناس و يربط ذلك بمفاهيم فلسفية و روحانية. تقدم اللعبة خيارات قصصية متعددة وهناك علاقة تجمع كلاود بكل شخصية في اللعبة وستتأثر هذه العلاقة بحسب اختيارات اللاعبين، وكما عرفنا سابقًا فإن هناك موعدًا غراميًا في Gold Saucer وستعتمد هوية صاحبته على الاختيارات القصصية.
تبدأ اللعبة مع حدث في الماضي هو من الأحداث الأيقونية في اللعبة الأصلية، في قرية نيبلهايم والذي يجمع كلاود و تيفا مع سيفروث عندما كان أسطورة الجنود في شركة شينرا، هذا الحدث تم تقديمه وسرده بطريقة بديعة جدًا في منظورنا من ناحية سرد القصة وتعاطي شخصيات المجموعة وهي تتعرف على جزء من ماضي صديقي الطفولة كلاود و تيفا اللذان تربطهما علاقة كانت و ما زالت معقدة ومتشابكة، وبالطبع لحظات جنون سيفروث والأسباب التي جعلت شخصيته تصبح على ما هي عليه من سادية و وحشية. تستمر المجموعة في ملاحقة سيفروث من مكان إلى آخر وتحاول التقاط أي طرف خيط قد يدلّ عليه. تحتوي اللعبة على مجموعة ضخمة من العروض القصصية ذات الجودة العالية والتي تتراوح بين مشاهد الأكشن والفنون القتالية وبين المشاهد الدرامية أو مشاهد البناء والغموض، أو حتى مشاهد السحر والفانتازيا التي لا يتواجد لها مثيل في أي لعبة أخرى.
هذه الرحلة هي عجائبية بكل ما تحمله الكلمة من معان، وهي تنجح في بناء العلاقات بين شخصيات المجموعة والتي تتراوح بين الشد والجذب وتمتلك ديناميكية رائعة تحرك السرد القصصي في اللعبة، علاقة تيفا مع ايرث هي علاقة صداقة قوية تصل إلى درجة أخوية، بينما علاقة كلاود وتيفا هي علاقة صديقي الطفولة بعد أن فرقهما القدر وما زال كلاهما عاجزًا عن العودة إلى علاقة طبيعية مع الآخر، أما علاقة كلاود وإيرث فهي علاقة تحوي شيئًا من الإعجاب والعفوية إلا أنها أيضًا علاقة معقدة حيث أن إيرث على علاقة عاطفية مع زاك والذي هو بدوره صديق لكلاود. يوفي من جهة أخرى، لا تأخذها المجموعة بجدية كبيرة إلا أنها أشبه بالقلب النابض للمجموعة بفضل روح الدعابة التي تملكها وحس الفكاهة الذي تقدمه للعبة. لدينا أيضًا باريت الذي يشعر بالعداء الكبير تجاه شينرا مما يخلق نوعًا من الحساسية بينه وبين كلاود أحيانًا نظرًا لأن كلاود هو جندي سابق في شينرا. أخيرًا، هناك Red XIII الباحث عن إثبات الذات والذي عانى هو الآخر من ماضيه مع شركة شينرا.
الديناميكية تعمل جيدًا بين شخصيات المجموعة بأقطابها الموجبة والسالبة والتي تحرك الشخصيات بحسب المواقف، ولا يتمحور عالم فاينل فانتسي7 على هذه الشخصيات فحسب فهو عالم عميق متعدد الأقطاب وما زال محتفظًا بهذا العمق على الرغم من أن القصة الأصلية قد وصلت إلينا قبل أكثر من 25 عامًا أي أنها أصبحت قديمة بمقاييس التطور الذي طرأ على الصناعة وأساليب الكتابة والإخراج والتقديم فيها لكن فاينل فانتسي7 في الأساس كانت لعبة سابقة لعصرها في السرد القصصي ومتعددة الطبقات، حيث هناك شخصيات الTurks وهم الفرقة المسؤولة عن العمليات القذرة لدى شركة شينرا، وهناك إدارة شينرا بقيادة “روفوس” صاحب الطموحات المجنونة، وهناك عدد هائل من الشخصيات الجانبية والقصص المتنوعة، وبالطبع فوق كل ذلك هناك الكوكب ونهر الحياة الذي يمثل عنصر الطاقة الرئيس في عالم فاينل فانتسي 7 ويهدد الكوكب بالفناء في ذات الوقت، أما الجانب الفلسفي في اللعبة فهو يرتبط بالموت والحياة وتغيير القدر ومواجهة المصير.
فاينل فانتسي7 ريبرث تقف اليوم بثبات بين العمالقة من أمثال The Witcher 3 كندّ حقيقي في الجودة وإن كان التوجه مختلفًا للغاية بطبيعة الحال فهو يخاطب شريحة أصغر سنًا من اللاعبين ويقوم بتضخيم المشاعر والانفعالات بصورة قد لا تروق للبعض كما أسلفنا الذكر، بالإضافة إلى غياب المنطق القصصي الصلب عن بعض المشاهد. مع ذلك فإن مكامن القوة تطغى على مكامن الضعف، فاينل فانتسي هي سلسلة فريدة في الصناعة فهي تجمع بين الأحاسيس المرهفة الموجودة في الأعمال اليابانية والآسيوية وهي تملك جذورًا مستلهمة من روائع عالم الأنمي، وتقدم ذلك بقالب الإخراج السينمائي الذي يحمل طابعًا غربيًا مع قيمة إنتاجية فاخرة. اللحظات المفضلة لدينا في هذه اللعبة هي المنطقة الأخيرة والتي هي واحدة من أروع لحظاتي في عالم الألعاب، بل الحقيقة إنني أنتظر بشوق ردود فعل اللاعبين عندما يعيشون تلك اللحظات، إنها الجزئية التي استلم فيها “تتسويا نومورا” دفة الإخراج وأشرف على تقديمها بالكامل بحسب متابعتنا الدائمة لأعماله، حيث انفجر خياله الجامح ليقدم خليطًا من السوداوية والفانتازيا الحالمة المفككة للعقول مع موسيقى وأجواء روحانية تجعلك تشعر أنك في نهاية العالم.
عالم واسع ومحتوى ضخم وفاينل فانتسي تعود متكاملة كما كانت
هناك عصر ذهبي جديد ينتظر سلسلة فاينل فانتسي قد بدأ من هذه اللعبة التي تُعيد السلسلة إلى الطريق الصحيح بعد سنوات وسنوات من التخبط والضياع، فاربطوا الأحزمة جيدًا لأننا أمام رحلة مشوقة مليئة بالأحلام والخيال والمشاعر الفياضة، نعم فاينل فانتسي مرضت ولكنها لم تمت والآن فقط بدأت التعافي من جديد. فاينل فانتسي7 ريبرث هي واحدة من أفضل ألعاب الجيل ومن روائع سلسلة فاينل فانتسي، ومن أفضل ألعاب البلايستيشن5، قم بشرائها دون تردد، والحقيقة أنني أشعر بتعجب كبير من التفاوت المذهل في التوجه و طريقة التصميم ليس فقط بين الجزء السابق و بين Rebirth، بل أيضًا بين الجزء السادس عشر و هذه اللعبة، نعم الجزء السادس عشر خيب آمالنا كثيرًا بابتعاده عن جوهر السلسلة والتوجه الكامل نحو اللعب الحركي بشخصية واحدة دون عناصر RPG حقيقية من أي نوع وبخطيته الزائدة و بخلوّه من الخيال الجامح الذي عرف عن السلسلة وملاحقة وهم وسراب الواقعية الزائدة التي لا و لم و لن تتقنها الألعاب اليابانية كما تفعل نظيرتها في العالم الغربي.
إن Final Fantasy VII Rebirth ترمي كل الجرائم التي ارتكبتها Final Fantasy XVI بحق السلسلة في القمامة، قولوا وداعًا لتلك الممرات الضيقة العبثية و رحبوا معنا بعالم فسيح واسع الأرجاء ومترامي الأطراف، ستجوبون الحقول الخضراء في Grasslands، ستخوضون غمار الأدغال في Gongaga، ستصعدون الجبال و ستعبرون البحار وستقطعون الصحاري و الوديان، ستشاهدون جمال الطبيعة وسحرها، وستشاهدون منشآت شركة شينرا الصناعية وأنابيبها و هي تشق هذه الطبيعة وتضفي لمسة بني الإنسان. هذه اللعبة بحق هي واحدة من أضخم الألعاب في تاريخ سلسلة فاينل فانتسي ولا ينافسها في الضخامة سوى الإصدار الثاني عشر الذي صممه العملاقان هيرويوكي إيتو و ياسومي ماتسونو، كما إن الضخامة لا تعني الملل في لعبتنا هذه بل الحقيقة فإن متعة الاستكشاف تزداد مع المضي قدمًا في اللعبة بسبب التنوع في طرق التنقل ما بين الشوكوبو الذي يتسلق الجدران والشوكوبو الطائر وحتى تلك المركبة الحمراء ذات الإطارات الضخمة و المخصصة للبيئة الصحراوية القاسية.
هل تذكرون المقولة الشهيرة للسيد يوشينوري كيتاس بأن تصميم المدن صعب بدقة HD؟ كان ذلك بالطبع في حقبة المخيبة للآمال فاينل فانتسي 13 والتي كانت أول فاينل فانتسي لا ترتقي إلى مستوى التوقعات في منظورنا وأول سقطة حقيقية لهذه السلسلة العريقة، حتى بعد كل هذه السنوات لم تقدم فاينل فانتسي مدنًا رائعة حقًا ونحن لم نعد في عصر 720p أو 1080p بل وصلنا إلى ال4K وما زالت فاينل فانتسي لم تقدم سوى محاولة خجولة في فاينل فانتسي 15 ببضعة مدن ميتة قليلة التفاعل ولكن هذا تغير الآن، حيث تأتي Rebirth لتقدم كوكبة من المدن الرائعة التي تعج بالحياة، هناك باعة و طرقات مزدحمة وعازفون متجولون ومهام جانبية والكثير، اذن لم تكن المدن مستحيلة بوضوح الHD في نهاية المطاف. حسنًا، أن تصل متأخرًا خير من ألا تصل أبدًا أليس كذلك عزيزي القارىء؟
قولوا وداعًا لقتال الشخصية الواحدة من الجزء السادس عشر ورحبوا معنا بعودة المجموعة والعناصر الاستراتيجية في نظام اللعب الحركي والعصري الذي تقدمه Rebirth والمبني على الأساسات التي قدمها الريميك، هذه المرة تقدم Rebirth حرية اختيار أفراد الفريق الذي ستخصصونه للقتال في معظم مناطق اللعبة باستثناء بعض الجزئيات الخطية التي ستفرض عليكم استعمال البعض دون الآخر مما سيمنحكم حرية كبيرة في اللعب بالطريقة التي تناسبكم. تحافظ هذه اللعبة على أساسات النظام السابق الذي يرتكز على فكرة الهجوم والدفاع الحركي لملء عداد أزرق اللون، مما يتيح استعمال مجموعة كبيرة من السحر والقدرات والأدوات عن طريق اختيارها من القائمة. الهدف هو الوصول بالخصم إلى مرحلة Stagger التي تسمح بعد ذلك بزيادة الضرر الذي تسببه له الهجمات بصورة كبيرة جدًا عن طريق ملء عداد أصفر اللون، وهناك شروط مختلفة للضغط على الأعداء وملء العداد مثل الهجوم على نقاط الضعف أو حتى صد بعض الهجمات.
هناك وجها اختلاف بين هذه اللعبة و بين الجزء الأول من ريميك السابع؛ وجه الاختلاف الأول يتمثل في كون اللعبة تقنية وحركية أكثر بكثير من السابق، هناك اعتماد أكبر بكثير على قدرات اللاعب ومهاراته في الجانب الحركي من ناحية توقيت الهجوم و توقيت الدفاع ومهارة اللعب الحركي بصورة عامة، فعلى سبيل المثال سيقوم الصد في اللحظة الأخيرة بإلغاء الضرر بالكامل من هجمة الأعداء مما يجعل التوقيت حاسمًا في بعض المعارك و الفارق بين الحياة والموت. وجه الاختلاف الثاني أو التطوير بالأصح يرتكز على الهجمات المزدوجة الجديدة بين الشخصيات Synergy Attacks، هذه الهجمات لها فوائد متعددة فهي تلحق ضررًا أكبر بالخصوم أو تتسبب بامتلاء عداد Stagger بصورة أسرع أو حتى تقدم فوائدًا أخرى سنترككم تكتشفونها في اللعبة بأنفسكم. النظام يشكل إضافة جميلة ومناسبة لطبيعة اللعبة التي أرادت التركيز على العلاقات بين الشخصيات. بالطبع، هناك أيضًا شخصيات جديدة قابلة للعب لم تتواجد في الجزء السابق وكل شخصية تملك أسلوبًا قتاليًا خاصًا ومختلفًا بالكامل عن الآخرين. كما تقدم اللعبة مستوً مرتفعًا من التحدي وهي من أصعب الأجزاء الرئيسية في تاريخ سلسلة فاينل فانتسي وهناك العديد من معارك الزعماء الطاحنة حتى بمستوى الصعوبة المتوسط.
هناك العديد من عناصر اللعب والمغامرة والاستكشاف في Final Fantasy VII Rebirth وهذا يميز اللعبة عن الجزء السابق بصورة ضخمة، حيث بمقدوركم تصنيع الأدوات والعلاجات والإكسسوارات عن طريق جمع الأشياء الموجودة في عالم اللعبة، كما تضيف اللعبة مجموعة ضخمة من الألعاب المصغرة بعضها يعود من اللعبة الأصلية والبعض الآخر جديد كليًا، من بين الألعاب المصغرة لدينا لعبة البطاقات Queen’s Blood وهي لعبة استراتيجية بامتياز و سيدمنها الكثيرون. هناك طرق متعددة للتنقل تتضمن الركض و القفز والسباحة وهي أكثر سلاسة في الحركة من الجزء السابق الذي كان ثقيلًا في التحكم، مخلوقات التشوكوبو المجنحة تعود من جديد أيضًا وهي تملك استخدامات متعددة و متنوعة، كل إقليم له نوع خاص من الشوكوبو بقدرات مختلفة، إقليم جونون على سبيل المثال يضم شوكوبو قادر على تسلق الجدران، أما في كوزمو كانيون فإن الشوكوبو يستطيع التحليق وهناك منصات عائمة في الهواء تدفعك إلى الأعلى بفعل الرياح بطريقة ذكرتنا بألعاب أسطورة زيلدا. أخيرًا، هناك قابلية جيدة للتخصيص والمقايضة في اللعبة وهي خيارات لا تفضل سلسلة فاينل فانتسي أن تقدمها للاعبين في المعتاد.
الاستكشاف في أقاليم اللعبة يندرج تحت مسمى World Intel حيث يقوم “تشادلي” الذي تواجد في الجزء السابق بالتواصل مع اللاعب في كل ما يتعلق بالاستكشاف والتحديات الموجودة على الخريطة والتي تضاف كعلامات اهتمام عند الوصول إلى الأبراج المتناثرة في الأقاليم والقادمة مباشرة من Assassin’s Creed، علامات الاهتمام هذه تضم تحديات قتالية مع وحوش أكثر قوة من الوحوش العاديين لهواة التحدي واختبار القدرات، ومناطق للعثور على أدوات مدفونة باستخدام طائر الشوكوبو، وأماكن أثرية يمكن مسحها للتأثير على قوة وحش الاستدعاء المرتبط بالإقليم وأماكن أخرى قابلة للمسح تؤدي إلى كشف تفاصيل ومعلومات عن الإقليم. هناك أيضًا سلسلة من المهام والتحديات تبدأ من الإقليم الأول في اللعبة و تمتد على مدار اللعبة لتنتهي بمعركة أيقونية ضد أحد أشهر الخصوم في تاريخ سلسلة فاينل فانتسي وسنترك هويته لتجربتكم عزيزي القارىء. الاستكشاف في اللعبة كان ممتعًا بفضل تنوع طرق التنقل وروعة الأقاليم و تصميمها لكن تكرار التحديات في هذه الأقاليم قد يتسبب بالضجر لبعض اللاعبين، وربما كان من الأفضل عدم ربطها بشخصية “تشادلي” المزعجة والتي تبدو و كأنها قادمة من شخصيات فاينل فانتسي 13 ثقيلة الدم، إلا أنه يمثل نوعًا من الإرشاد للاعبين وهذا قد يكون مفهومًا بالنظر إلى أن فاينل فانتسي لم تحصل على لعبة ضخمة كهذه من سنوات طويلة.
هذه اللعبة تقدم تجربة منوعة وممتعة، كل شخصية في اللعبة تملك قدرات خاصة بها تختلف عن الشخصيات الأخرى مما يجعل الجزئية الخاصة بها مسلية جدًا، باريت على سبيل المثال يستطيع إطلاق النار وتكسير الأشياء، يوفي يمكن لها التعلق بالمنصات عن طريق الخطاف، أما ريد 13 فهو يركض على الجدران. بعض هذه الجزئيات التي تفصل بين الأقاليم خطية الطابع وتميل إلى أن تكون كهوفًا (دنجيونز) وهي بسيطة كعادة السلسلة وليست معقدة أو عميقة وتنتهي غالبًا بقتال ضد أحد الزعماء، وبالحديث عن الزعماء فهم بالتأكيد من نقاط قوة Rebirth وهناك عدد ضخم منهم. في الحقيقة، شعرنا بنوع من الضجر مع طول بعض المعارك وشعرنا بأن بعض الأعداء إسفنجيين إلى حد ما ولكن هذا يأتي من فلسفة تصميم المعارك في منظورنا والتي ترغب في أن تمنح اللاعب الفرصة الكاملة لإظهار مهاراته القتالية و اختبار التكتيكات والأساليب التي يرغب بها. نعم هذا هو عيب Rebirth الرئيسي بالنسبة لنا فهي مثل غيرها من ألعاب العالم المفتوح الضخمة، لا تخلو من الهبوط في الرتم، ولا تخلو من الشعور بالتكرار و المط في بعض الجزئيات.
تجربة راقية بصريًا رغم بعض المنغصات
تقدم Final Fantasy VII Rebirth تجربة رائعة على الصعيد البصري كما هو معتاد من سلسلة فاينل فانتسي والتي لم تفشل يومًا في تقديم رسومات رائعة، تقدم اللعبة نقلة كبيرة عن الجزء السابق في البنية التضليعية الظاهرة على الشاشة وتصوير البيئة وتفاصيلها الدقيقة من جبال وصخور وأشجار إلا أن المياه لا تملك الجودة المطلوبة وتبدو وكأنها قادمة من ألعاب البلايستيشن الثالث، هناك بعض العيوب التي كانت موجودة في الجزء السابق وما زالت موجودة في هذا الجزء أيضًا مثل ظهور بعض الأصول الرسومية ذات الجودة المنخفضة خاصة مع الدنو منها. الشخصيات لا سيما في العروض السينمائية تبدو واقعية للغاية مع تركيز ضخم على تعابير الشخصيات وملامحها في استعراض عضلات حقيقي من شركة سكوير إينكس، الخامات تبدو قابلة للتصديق حتى أننا نستطيع أن نشعر بأنواع الأقمشة بالنظر إليها وكذلك فرو الحيوانات أو المعدن اللامع للآلات المدرعة، إلا أن التفاوت ملحوظ عند الاستكشاف حيث تنخفض جودة رسوم الشخصيات بصورة كبيرة.
تقدم اللعبة طور الدقة و طور الأداء، قمنا بخوض التجربة بطور الدقة بسرعة 30 إطارا رغم تأثيره السلبي على سلاسة اللعب وجودة التحكم خلال القتال والمعارك، إلا أن الفرق في جودة الرسوم كبيرة حقًا بينهما، الرسوم بدت ممسوحة وناعمة بشكل غريب في طور الأداء مع دقة عرض منخفضة نسبيًا وهي بالتأكيد تفتقر إلى الجودة، الحدة، والوضوح التي يقدمها طور الجودة الرسومية، وعلى الأقل يقدم طور الأداء سلاسة أكبر بكثير وإحساس أفضل باللعب والتحكم. لا تدعم اللعبة أي نوع من تقنيات تتبع الشعاع Ray Tracing وبذلك فإن الانعكاسات على الأسطح العاكسة والمياه تختفي عند تحريك الكاميرا وخروج الجسم المنعكس من إطار الكاميرا. في الحقيقة لا أخفي رغبتي في نسخة أفضل إما على الحاسب الشخصي أو جهاز PS5 Pro في المستقبل تجمع بين الأداء السلس وبين الجودة الرسومية ودقة العرض دون تضحيات كبيرة، وجب التنويه إلى أن اللعبة ستحصل على تحديث لتحسين جودة الرسوم بطور الأداء ولكن هذه السطور جرت كتابتها قبل أن نقوم بتجربة التحديث.
لطالما كانت سلسلة فاينل فانتسي سلسلة بارزة للغاية على صعيد الموسيقى والجانب الصوتي، Rebirth هي لعبة هائلة جدًا على صعيد الموسيقى وقد تم تسجيل أكثر من 400 مقطوعة موسيقية من أجل اللعبة وهو عدد هائل بحق يفوق معظم الألعاب الأخرى، بالطبع تتواجد الألحان الشهيرة من اللعبة الأصلية والتي لحنها نوبو ويماتسو صاحب الحس المرهف والألحان الأيقونية مع توزيع جديد كليًا. طريقة التوزيع في اللعبة أفضل بكثير من الريميك في رأينا والذي قدم طابعًا هوليووديًا مملًا للألحان، حيث عاد التنويع في استخدام الآلات الموسيقية وحرصت اللعبة على توزيع يناسب كل منطقة أو مشهد في اللعبة بما يتلاءم معها فهناك لمسة قادمة من الغرب الأمريكي مباشرة في بعض المناطق الصحراوية على سبيل المثال. تقدم اللعبة لمسات ذكية وجميلة أيضًا مثل إمكانية العزف على البيانو و لا نخفيكم أننا أمضينا وقتًا كبيرًا معها ونحن نعزف مقطوعة شخصية تيفا التي كانت و ما زالت من أروع المقطوعات التي سمعناها لشخصية في لعبة فيديو والتي تحمل الإحساس بالعذوبة ودفء الذكريات. أما التمثيل الصوتي الإنجليزي فهو يتراوح بين المتوسط إلى الجيد، مؤدية شخصية إيرث ومن الجزء السابق لا تبرع كثيرًا في الأداء و بالكاد تتجاوز المستوى المقبول، من جهة أخرى فإن مؤدية تيفا أكثر نضجًا فهي تملك نبرة صوت عميقة ودافئة، وفي هذا الإصدار نجحت كثيرًا في تصوير المشاعر المضطربة والقلقة للشخصية لا سيما في علاقتها مع صديق الطفولة كلاود سترايف
فاينل فانتسي عادت أسطورية كما كانت من جديد
هناك لحظات خاصة في ألعاب الفيديو تجعلك تشعر بالسعادة والامتنان لأنك جزء منها و Rebirth هي واحدة من هذه اللحظات فكم من منتج ترفيهي يغيب خمسة وعشرين عامًا ثم يعود مستفيدًا من التكنولوجيا الحديثة بالصورة التي يمكن أن تتحقق في لعبة فيديو؟ كم هي مدهشة هذه اللعبة و هذه القصة التي ظلت صامدة طيلة هذه السنوات وما زالت تقارع الجميع، وهذا هو المستوى الذي طمحنا له من البداية للعبة تحمل اسم فاينل فانتسي 7 صاحب الإرث الثقيل في عالم الألعاب، السلسلة تخبطت طويلًا و خسرت الكثير مما كان يميزها في حقبتها الذهبية، نعم فاينل فانتسي كانت مثالًا يُحتذى به على الجودة والضخامة والمغامرة قبل أن تتحول إلى مسخ يتمثل في الممرات الضيقة و عناصر اللعب الشحيحة وهذا لا يليق بسلسلة ريادية مثلها، النقلة بين الجزء الأول و Rebirth لا تصدق وقد جعلتنا نصاب بالذهول، بل إننا لا نستوعب لماذا انتظرت سكوير إينكس إلى 2024 حتى تقوم بإصدار لعبة مثل هذه ما دامت تملك القدرة على صنعها.
هذه هي فاينل فانتسي الحقيقية التي خطفت القلوب وسحرت الأبصار، هذه اللعبة هي فخر الألعاب الحصرية للبلايستيشن الخامس وجوهرة سكوير إينكس الجديدة وأحد أفضل الألعاب في تاريخ فاينل فانتسي وقد حان الوقت أخيرًا لننزع عباءة الماضي وأن نتطلع إلى الأمام فقد نهضت السلسلة من جديد وحان الوقت لنقول وداعًا لحقبة صنعت جزءًا من حياتنا وستبقى في قلوبنا، ونرحب بحقبة ذهبية جديدة قادمة. عندما ينتهي هذا الجيل وتذهب ألعابُهُ إلى غياهب النسيان، ستبقى Rebirth في الذاكرة وسيتحدث عنها اللاعبون لسنوات كثيرة قادمة.
(حصلنا على نسخة من اللعبة عن طريق الناشر قبل الإصدار)