أتخيل نفسي بعد خمس أو عشر سنوات من الأن أو ربما أكثر بقليل جالسا وبيدي يد تحكم أكابد عناء إنهاء لعبة ما أو ألطف الجو بمشاطرتي اللعب رفقة أحدهم، أو كعادتي أستمتع باستكشاف إحدى الألعاب الفريدة، كل ذلك دون أن أملك أي جهاز ألعاب يذكر، كل ذلك سيمضي ممكنا من دون شك، حتى إن كان ممكنا من الأن إلا أن مجال اللألعاب السحابية مازال في مرحلة مبكرة من عمره والعالم ليس مستعدا لإستقباله الأن، أتكون خدمة الألعاب السحابية المستقبل الذي تعتلي فيه الألعاب القمة كأسلوب الترفيه الأكثر شيوعا ؟ أين سيكون موقع أجهزة الألعاب من كل هذا ؟ أتستقر الألعاب السحابية في بيوتنا كنمط توظيف جديد لمجال الألعاب للاعبين المتمرسين أم سنبقي على أجهزة الألعاب العادية كاختيار أول ؟ لسنا قادرين على تحديد الإجابات الصحيحة من الأون من دون شك، الشيء الذي لايمنع الحديث عن الألعاب السحابية في هذه الفترة.
قد تكون الألعاب السحابية أو الـCloud Gaming مصطلحا يخفى على الكثيرين لكنه ليس بالأمر الجديد حقا، الخدمات السحابية متوفرة منذ مدة ويستعملها مئات الأشخاص عبر العالم، كالتخزين السحابي الذي تعرضه شركات كثيرة خاصة المتعلقة بحفظ البيانات الشخصية، التي تسمح لك بتحويل ملفاتك الخاصة من قرص حاسوبك الصلب نحو خوادم (سرفرات) توفيرا للمساحة، أو خوادم سطح المكتب المدفوعة الأقل شيوعا من الأولى، التي تسمح لك بنقل سطح مكتبك الخاص القابل للتشخيص أينما ذهبت، حيث تمكنك بعض الخدمات بالحصول على سطح مكتب تستطيع تنصيب البرامج التي تود عليه أو وضع الملفات عليه والولوج إليها من أي حاسوب متصل بالنت في العالم، لنقل أنه حاسوب وهمي محمول، كل ماعليك فعله هو الإتصال بالنت لإستخدام الخدمات السحابية والتي كلما كان الربط جيدا والصبيب كبيرا كان استعمالها أفضل وأحسن.
الألعاب السحابية تقوم على نفس العلاقة، هناك اتصال بين جهازك وخوادم الألعاب، الأمر بسيط ومعقد في نفس الوقت، فكل ماعلى اللاعب هو تشغيل الجهاز الداعم لخدمات الألعاب السحابية، سواء هواتف ذكية، حواسيب لوحية أو حواسيب عادية، تم إختيار اللعبة مع لزوم الإتصال بالإنترنت طول مدة اللعب وإنقطاعه يعني انقطاع اللعب بتوقف اللعبة، الألعاب المقتنات تشتغل من بعيد حيث لايتم تخزينها على جهاز أو تنصيها، هناك خوادم خاصة تقوم بذلك بدلك وترسل صورة اللعبة على جهازك، مقابل ذلك فإن جهازك يرسل البيانات الخاصة بالتحكم، عن طريق لوحة المفاتيح، الفأرة، أو أيدي التحكم، الإستجابة السريعة تقتضي صبيبا هاما من الإنترنت رغم أن قوة الجهاز ليست بالشيئ الضروري، فحاسوب شخصي متوسط المواصفات قادر على تشغيل أخر ألعاب الجيل دون الحاجة للبحث عن تغيير قطعه أو شراء حاسوب أقوى في كل مرة.
قد يبدو فهم الألعاب السحابية على البعض عسيرا، خاصة لمن لايملك فكرة مسبقة عنها أو عن الخدمات السحابية بشكل عام، لذلك سأربط لكم نوعين من الخدمات، الفيديو عند الطلب (ستريمنغ/أونلاين) والألعاب عند الطلب والتي تسمى للإشارة ألعابا عند الطلب أيضا، لنفترض أنك تود شراء فلم ما، ستخرج وتشتري قرص الفلم (دي في دي/بلو راي…)، من تم ستعود للبيت وتشغله على عارض الأفلام (مشغلات الأقراص، جهاز ألعاب، حاسوب)، هنا الفلم يشتغل مباشرة من جهازك ويعرض على الشاشة الموصولة به، الأمر كما ذلك للألعاب، تقتني لعبة، تعود وتشغلها على جهازك الذي يعرضها على الشاشة الموصلة به، مالذي سيحصل عند استعمال الفيديو عند الطلب ؟ لاحاجة حينها لإقتناء القرص، ستدخل لموقع أفلام متخصص (الحديث عن مواقع ذات ترخيص بخدمات مدفوعة) أو خدمة خاصة (أجهزة التلفاز وأجهزة الترفيه الخاصة) ستختار فلما معينا، ستقوم بشراءه ومشاهدته مباشرة، الفلم سيبقى متصلا بحسابك في الخدمة وتستطيع مشاهدته من أي مكان ووقتما تشاء بشرط أن تتصل بالنت، الأمر ذاته بالألعاب، تدخل لخدمة الألعاب السحابية، تختار لعبة، تشتريها ومباشرة تقوم باللعب دون تحميل، يمكنك اللعب بها في أي وقت وفي كل مكان، ستحتاج للإنترنت فقط.
كما الألعاب الرقمية فالألعاب السحابية تقلل تكاليف التسويق والنشر في الأسواق العالمية مايعني توفر اللعبة في العالم في نفس المدة -تقريبا-، كما أنه لاحاجة للتنقل لمتاجر الألعاب في كل مرة للبحث عن لعبة معينة لشراءها، إضافة لذلك الألعاب السحابية تحصل على تخفيضات أهم وأثمنتها مغرية أكثر كما يسهل للاعب شراء اللعبة وقتما أراد، فالألعاب بنسخ العلبة تتوفر لمدة محددة ويتم التوقف عن عملية توزيعها في الأسواق بعد مدة من ذلك حين يصل الطلب لمعدلاته المنخفضة التي قد تكون صفرا، الأمر لايتوقف عند هذا الحد فالألعاب السحابية تمكن الشركات من توفير التجميعات الخاصة بالألعاب بشكل أسهل، فإن كانت العلب التي تحتوي أكثر من لعبة شيئا قليلا في سوق الألعاب فهو شائع في سوق الألعاب الرقمية، خلاصة القول أن الألعاب السحابية لها نفس إيجابيات الألعاب الرقمية.
لكن الأمر الذي تتوفق فيه الألعاب السحابية يكمن في إمكانية توفير المال بشكل كبير، فحاسوب متوسط المواصفات قادر على تشغيل أي لعبة كانت من خلال خدمة الألعاب السحابية، ذلك مهما كان نظام تشغيله، مواصفاته وخصائصه، أي أن عمر جهازك سيصبح أطول ولاحاجة لشراء قطع جديدة في كل مرة للعب أخر الألعاب، أي أنك لن تحتاج لتحديث نظامك أو اقتناء كروت رسوميات جديدة في كل مرة وربما الأسوء شراء حاسوب جديد بالكامل، حتى ولو تغير جيل الألعاب، فحاسوبك ذو الأربع سنوات مثلا قادرا على تشغيل ألعال جيلين ما إن لم تقتضي خدمات الألعاب السحابية شيئا معينا مستقبلا الأمر الذي لايبدو عليه الأمر حتى الأن، حتى التوافق بين الألعاب والحواسيب لن يغدو مشكلة، فلن يستدعي منك الأمر تضيع هذه اللعبة أو تلك لأنك لاتملك نظام تشغيل معين أو مواصفات معينة أو حتى قطعة معينة.
إضافة لكل ذلك فالخدمة قابلة لأن تشتغل على كل الأجهزة العالية التقنية التي تستطيع من خلالها الوصول للإنترت، ذلك يعني أنه بإمكانك شراء لعبة، لعبها على حاسوبك الشخصي، حاسوبك المحمول، هاتفك الذكي، حاسوبك اللوحي، مستقبلات القنوات، الشاشات الذكية وأجهزة الترفيه المختلفة، حتى جهاز Ouya الجديد سيدعم ذلك، تخيل نفسك تلعب أخر الألعاب على جهاز يبلغ ثمنه 99 دولارا، كما أن استعمال الألعاب السحابية يعني أنه لاحاجة لمساحة تخزين ولن تكون مضطرا لحذف لعبة معينة بعد شرائها لحاجتك لمساحة تخزين لبياناتك الشخصية أو ألعاب أخرى، كما أنه لاوقت لتنصيب اللعبة أو حذفها، ويمكن أن تودع المشاكل التي يتعرض لها مالكو أجهزة الألعاب كأعطال القارئ و العدسة أو عدم قابلية القرص العمل بعد مدة أو لسبب أخر.
بخصوص السلبيات فالشركات متسترة بخصوصها إذا أنه يحق للناشر سحب لعبته من قاعدة البيانات إن هو أحب ذلك، مايعني أنه من الممكن أن يتم حذفها مباشرة من قائمة الألعاب المشتراة من قبل اللاعب، المشاكل التقنية أو القانوينة التي تستدعي سحب الألعاب قد تكون سببا أيضا في فقدان اللاعبين للعبهم، لكن الأسوء هو في حالة إختفت إحدى الشركات الخاصة بالالعاب السحابية إذ أن قاعدة البيانات سيتم حذفها أو في أفضل الحالات نقلها لخوادم أخرى مايعني وقت انتظار قد يصل لأشهر، اللاعبون قد يشعرون ببعض الإحباط لعدم إمكانية توصلهم بنسخ العلبة الخاصة بالألعاب التي قد تكون شيئا مهما لمحبي تجميع النسخ الخاصة مثلا، لكن أكبر مشاكل الخدمة هو عدم القدرة على اللعب بدو ربط إنترنت مايشكل مشاكل كبيرة كالإنقطاعات داخل اللعبة.
الخوادم المستخدمة في الألعاب السحابية قوية للغاية وقادرة على تشغيل الألعاب بكامل قوتها ونقل الصورة للأجهزة المعنية، المشكل أن عرض الفيديو على هذه الأجهزة قد يكون لسبب ما غير كامل حتى إن كانت بجودة الـHD، فالأضواء قد تبدو باهتة، الظلال قد تختفي وبعض التفاصيل قد لاتبدو واضحة، الأمر قد يعود في الغالب لصبيب الإنترنت الذي يستعمله المستخدم، بالإضافة لذلك قد تكون المعلومات المتبادلة بين الخوادم والجهاز المشغل للعبة ذات سرعة غير متزنة، وهكذا حين يقوم اللاعب بعملية معينة ولنقل مثلا القفز فإن الوقت الذي يأخده الخادم لفك شفرة يد التحكم وإرسال صورة للجهاز الذي يفك من جهته الشفرة وقتا أطول من اللازم ما قد يسبب بعض الإنزعاج للاعبين خاصة في مايتعلق بالألعاب الدقيقة كألعاب التصويب، الحديث هنا عن بطئ الإستجابة وليس بطئ الحركة لكي لاتختلط عليكم الأمور، وأعود لقول نفس الشيئ صبيب عال يعني إستفادة أكبر.
رغم كل هذا الحديث فالألعاب السحابية كما قلت سابقا في مرحلة متقدمة جدا جدا من عمرها، تذكروا أنه لم يمضي الكثير على بداية الألعاب الرقمية حتى تفرض سيطرتها على سوق الألعاب على طريقتها، مع تخفيضات مهمة وألعاب حصرية حتى، الأمر سيكون بالمثل للألعاب السحابية وسيأتي الوقت لتفرض هيمنتها على السوق وتفرض على الشركات الكبرى في سوق الألعاب دخول اللعبة، أغلب المهتمين بالألعاب السحابية يرون أن الأمر مازال يحتاج بعض الإهتمام من الشركات لأن التقنية المستعملة مازالت غير كافية لضمان لعب مريح للاعبين.
نختم بالقول أن الألعاب السحابية قد تكون من بعيد نمط لعب جديد، فكثيرون يرون أن العالم الرقمي أفصل بكثير وبعض المشاكل الصغيرة كما الكبيرة قد تحل من خلال الألعاب السحابية، فبفضلها لن تكون مجبراعلى حمل كل ألعابك المفضلة سواء الخاصة بالعلبة أو التي ستأخد مساحة على قرصك الصلب أو أيا تكن أداة التخزين، قد تجذب الخدمة لاعبين جدد من خلال ماتعرضه من مزايا لاتقدمها الألعاب العادية، نعدكم أننا سنحدثكم عن الألعاب السحابية إن أتيحت لنا الفرصة ولما لا تكن لنا فرصة الحديث عن أكبر مشغليها، الألعاب السحابية قد تغدو شيئا عاديا في حياتنا كلاعبين، الوقت يمضي بسرعة لكننا لسنا مستعجلين.